أخبرني بهاء الدين أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب رحمه الله قال:
أخبرني ابن الإكليلي المنجم الحلبي قال: لما حفر بالمسجد الجامع بحلب موضع المصنع للماء، وجد فيه صورة أسد من الحجر الأسود، وهو موضوع على بلاط أسود، ووجهه الى جهة القبلة، قال: فاستخرجوه من مكانه، فجرى بعد ذلك ما جرى من خراب جامع حلب إما بالزلزلة وإما بالحريق.
قلت ووقع مثل ذلك في زماننا في أيام دولة الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وأتابكه ومدبر دولته طغرل الخادم الظاهري، فجدد طغرل دارا في القلعة ليسكنها، فلما حفر أساسها، ظهر فيما حفروه صورة أسد من حجر أسود، فأزالوه عن موضعه، فسقط بعد ذلك الجانب القبلي من أسوار قلعة حلب، وانهدم من سفح القلعة قطعة كبيرة.
أخبرنا أحمد بن الأزهر بن السباك البغدادي في كتابه إلي عن أبي بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا المحسن بن علي التنوخي قال: حدثني الحسن ابن ابنة غلام أبي الفرج الببّغاء، وكتب خطه، وشهد له أبو الفرج بصحة الحكاية، قال: في أعمال حلب ضيعة تعرف بعين جارا، وبينها وبين الحوته حجر قائم قائم كالتخم بين أرض الضيعتين، فربما وقع بين أهل الضيعتين شر فيكيدهم أهل الحوتة بأن يطرحوا ذلك الحجر القائم، فكما يقع الحجر، يخرج أهل الضيعتين من النساء ظاهرات متبرجات لا يعقلن طلبا للجماع (١٩٤ - و) ولا يستقبحن في الحال ما هم عليه من غلبة الشهوة الى أن يتبادر الرجال الى الحجر، فيعيدونه الى حاله الأولى، فيتراجعن النساء الى بيوتهن وقد عاد إليهن التميز باستقباح ما كن عليه.
وهذه الضيعة كان سيف الدولة أقطعها أبا علي أحمد بن نصر البازيار، وكان أبو علي يتحدث بذلك ويسمعه منه الناس وذكر هذه الحكاية بخطه في الأصل.