النهار قبل المغرب، وخرج بي الى البئر وشربت من مائها مرارا، وعدت الى القرية، وألقيت من الدم شيئا كثيرا، وغلبني النوم لما نالني من التعب، فأغمضت، فخرجت العلقة من حلقي الى فمي فوجدته مطبقا، فطلبت منفسي الهواء وأن (١٩٣ - و) تخرج من خيشومي، فانتهب، وفتحت فمي، فنزلت إليه، فأخرجتها من فمي وهي بمقدار الاصبع الطويلة بعد أن ألقت ما كان في جوفها من الدم.
وفي أعمال حلب عدة حمّات تنفع من البلاغم والرياح وكثير من الأدواء، فمنها حمّة في السخنة من عمل المناظر من ناحية قنسرين ماؤها في غاية الحرارة، وأهلها يغتسلون فيها ويتعوضون بها عن الحمام، وذكر لي جماعة من أهلها أنهم ينتفعون بها من الريح والبلغم والحب، ونزلت إليها واغتسلت فيها.
وذكر لي أن بناحية العمق حمّة أخرى يتداوى بها الناس أيضا.
وذكر أحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب في كتاب البلدان، وعدّ كور قنسرين والعواصم، وقال: وكورة الجومة، وبها العيون الكبريتية التي تجري الى الحمة، والحمة بقرية يقال لها جندارس، ولها بنيان عجيب معقودة بالحجارة، يأتيها الناس من كل الآفاق فيسبحون فيها للعلل التي تصيبهم، ولا يدرى من أين يجيء ماؤها ذلك الكبريتي، ولا أين يذهب.
وقرأت في كتاب أخبار البلدان تأليف أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني، المعروف بابن الفقيه، قال: وعلى سبعة أميال من منبج حمّة عليها قبة تسمى المدير، وعلى شفيرها صورة رجل من حجر أسود، تزعم النساء أن كل من لا تحبل منهن إذا حكت فرجها بأنف تلك الصورة حبلت، وبها حمام يقال له حمام الصراني في وسطه صورة رجل من حجر يخرج ماء الحمام من إحليله. (١٩٣ - ظ)(١).