ثم قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين دكانا للوكلاء، يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمر ذلك منذ عشرين سنة، وإلى الآن وما بحلب موضع خراب أصلا.
قلت: الكنيسة التي أشار إليها (١١ - ظ) في القلعة أن فيها مذبح إبراهيم عليه السلام، هي الآن مقام إبراهيم عليه السلام الأسفل، والكنيسة الأخرى دثرت، والمسجد الذي في أعلى القلعة هو مقام إبراهيم عليه السلام الأعلى، وأما البيع الست، فاثنتان باقيتان إحداهما بالقرب من الزجاجين إلى جانب مسجد ابن زريق، والأخرى بالقرب من الرحبة، والبواقي جعلت مساجد في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، حين حصر الفرنج حلب، وبعثروا الضريح الذي بمشهد الدّكّة، ويقال إن به سقطا للحسين بن علي رضي الله عنه، وكان يدبر أمر البلدة أبو الفضل ابن الخشاب، لأن صاحبها تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق كان بماردين، فجعل ابن الخشاب كنائس حلب هذه مساجد، إحداهما الكنيسة العظمى التي يقال إن هيلانة ملكة القسطنطينية بنتها، فجعل فيها محراب، وعرفت بمسجد السراجين، وهي غربي المسجد الجامع وجعلها نور الدين محمود بن زنكي مدرسة لأصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، والأخرى جعلت مسجدا بالحدادين، فوقفت مدرسة للحنيفة أيضا، وقفها حسام الدين لاجين وهي مدرسة الحدادين، والأخرى كانت بدرب الخزاف فهدمها عبد الملك بن المقدم، وبناها مدرسة للحنفية أيضا، وأما الرابعة (١٢ - و) فلا أعلم بها. (١)
قرأت بخط الحسين بن كوجك العبسي الحلبي في كتاب سيرة المعتضد
(١) -يعرف مشهد الدكة الآن باسم الشيخ محسن، وتعرف كنيسة القديسة هيلانه باسم المدرسة الحلاوية، وتعرف المدرسة التي بناها عبد الملك بن المقدم باسم مدرسة التوتون. انظر، الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب، لمحمد أسعد طلس، دمشق ١٩٥٦، ص ٥٦ - ٦٧،٦٢ - ٦٨.