للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتابه الموسوم «بالبداية والنهاية في التاريخ (١)» قال فيه: حدثني أبي قال:

حدثني-وبيض ولم يذكر من حدّث أباه-قال: حدثني ابن خالويه، وكان نديما ومجالسا لسيف الدولة، قال: خرجت في بعض الأيام إلى ظاهر حلب فقعدت أطالع في كتاب، وأنظر الى قوقق، فما رفعت رأسي إلاّ من وقع فرس، فنظرت فإذا بفارس مسدد نحوي رمحه، فقلت: والله ما أعرف بيني وبين واحد من الناس ما يوجب هذا ورأيت الفارس متلثما فلما دنا حط‍ لثامه فإذا بأحمد بن الحسين المتنبي فسلم عليّ فرددت السلام وجاريته الحديث فقال: كيف رأيت قصيدتي التي أنشدتها أول أمس الأمير سيف الدولة؟ فقلت: والله إنها لمليحة، وإن أولها لا يحتاج إلى تمام في قولك:

«على قدر أهل العزم تأتي العزائم»، وفيها كذا وكذا، فقال: ما رأيت إلا مليحا والذي فيه ما سبقني إليه؛ من أحسن فيه من ذكر الدراهم فإنها (٤٢ - ظ‍) لا تأتي في شعر إلا بردته وضعّفته، إلا ما جاءني:

نثرتهم فوق الأحيدب نثرة … كما نثرت فوق العروس الدراهم

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي-إذنا-عن أبي الفتح محمد ابن عبد الباقي بن البطي عن أبي نصر الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسّن بن أبي نصر اسحاق الصابئ قال: وحدثني رضي الله عنه-يعني أباه هلال بن المحسّن-قال: حدثني أبو اسحاق جدي تجاوز الله عنه (٢) قال: لما ورد أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي إلى بغداد متوجها إلى حضرة الملك عضد الدولة بفارس أعدّ له أبو محمد عشرة آلاف درهم وثيابا كثيرة مقطوعة وصحاحا، وفرسا بمركب ليعطيه ذلك عند مديحه له، فأخر المتنبي من ذاك ما كان متوقعا منه، وحضر


(١) -لم يصلنا هذا الكتاب، ونقول ابن العديم عنه اهم مصدر لتعريفنا به، ويبدو انه ذيل به على تاريخ ابن المهذب المعري.
(٢) -قال ذلك لانه مات وهو متمسك بدين الصابئة الحرانيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>