إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر قال: وحدثني أحمد ابن الطيب صاحب الكندي قال: دخلت يوما على أمير المؤمنين المعتضد بالله فإذا بين يديه برذعة الموسوس، فقال لي: يا أحمد ادن مني، فدنوت منه موضع السر، فقال لي: قل لبرذعة: يا أبا عبد الله خبز، وكان إذا قيل له هذا خرج الأمر عن يده فلم يقرب من أحد إلا أثر فيه، وكان المعتضد بفرط شهوته للصنعة قد اتخذ له ولنظرائه ولجماعة من الندماء بين يديه بابا مستطيلا ينطبق على وهدة إذا وطئ عليها الانسان خرج من بعض أقسامها كفان بلولب فاعتورتا الانسان الواقف وأطبقتا عليها قيدا مقسوما بهلالين في طرف أحدهما عمود للقفل وفي الآخر فراشة (١٣٦ - و) فإذا التقتا فكأن يدا أقفلت قفلا فلا يتهيأ للرجل مجنونا كان أو صحيحا التخلص منه إلا بعد أن يجيء الخادم بمفتاحه فيفتحه، فقال أحمد بن الطيب: فقلت: يا أبا عبد الله خبز فوثب وثبة ليقرب مني، فأخذه القيد، فبقي يزبد ولا يتهيأ له فيّ حيلة، والمعتضد يسكنه ويشغله عني حتى سكن، فقال له:
ما تشتهي يا أبا عبد الله؟ فقال له: أشتهي أن يجلس ابن الطيب الى جانبي، فقال:
قم يا أحمد فاجلس الى جانبه، فقلت على شريطة أن يضع أبو عبد الله يديه على الأرض ويقوم على أربعة، وكان الى جانب ذلك الموضع باب آخر لطيف على هذه الصورة، قال: نعم، فلما وضع يديه نالهما ما نال رجليه، فبقي موثقا، فوثبت فقربت منه، فنظر إلي من غير أن يتمكن مني لبطشه، فصاح صياح الشاة ووصل ذلك، فلم يتمالك المعتضد ضحكا، وكان بعيدا من الهزل، فلما بصر به برذعة وهو يضحك نظر إلي وهز رأسه ثم أقبل على المعتضد وقال: