للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فوالله لقد رأيت المعتضد وقد تغير وجهه وانحط‍ أنسه، فلم أزل أتعرف ما أثر فيّ من تحريضه، فما زالت تلك الخبية في نفس المعتضد حتى قتل أحمد بسبب السعاية.

كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي أن زاهر بن طاهر الشحامي أنبأهم عن أبي القاسم علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد ابن أحمد بن أبي مسلم إذنا قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال: في سنة ثلاث وثلاثين غضب المعتضد على أحمد بن الطيب ووجه بشفيع اللؤلؤي ونحرير الصغير خادم بدر فقبضوا على جميع ما في داره، وقرروا جواريه على ماله حتى أخذوه، فاجتمع من ذلك ومن ثمن آلاته مما حمل الى بيت المال مائة وخمسون ألف درهم.

قال: فحدثني محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: كان سبب غضب المعتضد على أحمد بن الطيب أن أحمد كان قديما يمدح عنده الفلاسفة ويستعقلهم ويحكي مذاهبهم، فيقول المعتضد: أنت على دينهم وكيف لا تكون كذلك وأستاذك الكندي (١)، وكان قد تخمر (٢) في نفس المعتضد أنه فاسد الدين، وكان ابن الطيب أحمق معجبا يدعي ما لا يحسن، وكان مع قصر عقله في لسانه طول، فكان كثيرا ما يقول للمعتضد: الأمور تخفى عليك وتستر دونك، فقال له (١٣٧ و) يوما: ما الدواء؟

قال: توليني الخبر على أبي النجم وعبيد الله (٣)، قال: قد وليتك، قال: فاكتب


(١) -فيلسوف العرب أبو يوسف يعقوب بن اسحاق بن الصباح (ت ٢٥٢ هـ‍ / ٨٦٦ م) انظر حوله كتابي مائة أوائل من تراثنا:٤٢٦ - ٤٢٩.
(٢) -أي استقر وتوارى. القاموس.
(٣) -عبيد الله بن سليمان بن وهب آخر وزراء المعتمد وأول وزراء المعتضد بقي في الوزارة حتى توفي سنة ٢٨٨ هـ‍. انظر المؤسسات الادارية في الدولة العباسية لحسام السامرائي ط‍. دمشق ١٨٧:١٩٧١. وأبو النجم هو مولى المعتضد. انظر تاريخ الطبري:١٠/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>