للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتحب أن أفعل هذا؟ قال: نعم، قال: تصدفني عن السبب الذي حملك على هذا، فعرفه ما جرى له مع أحمد بن الطيب، فرضي عنه وحلف له على ما سر به وخفف عن خاطره، ووثق له أنه لا يسيء إليه وأنفذ في الحال وقبض على أحمد بن الطيب وحبسه.

قال التنوخي: وقيل إن السبب في قتله أن أحمد بن الطيب دعاه الى مذاهب الفلاسفة والخروج عن الاسلام، فاستحل قتله، فلما أجمع على قتله أنفذ إليه يقول له: أنت كنت عرفتنا عن الحكماء أنهم قالوا: لا يجب للملوك أن يغضبوا، فإذا غضبوا، فلا يجب لهم أن يرضوا، ولولا هذا لأطلقتك لسالف ذمتك وخدمتك، ولكن اختر أي قتلة تحب أن أقتلك، قال: فاختار أن يطعم اللحم المكبب ويسقى الشراب العتيق حتى يسكر، ثم يفصد من يديه، ويترك دمه يجري الى أن يموت، فأمر المعتضد بذلك، ففعل به، وظن أحمد أن دمه إذا انقطع مات في الحال بغير ألم فانعكس ظنه.

قال: وذلك أنه لما فصد نزف جميع دمه ثم بقيت معه من الحياة بقية فلم يمت وغلبت عليه الصفراء فصار كالمجنون ينطح برأسه الحيطان (١٣٩ و) ويصيح ويضج لفرط‍ الآلام ويعدو في محبسه ساعات كثيرة الى أن مات، فبلغ المعتضد ذلك، فقال: هذا اختياره لنفسه، وليس في الفساد بأكثر مما اختاره لنفسه من الرأي الذي جر عليه القتل.

أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف عن أبي الفتح بن البطي عن أبي عبد الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن ابن ابراهيم الصابئ قال: حدثني-يعني أباه-قال: حدثني جدي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبو اسحاق أبي قال: جرى بيني وبين أبي الحسين القاسم بن عبيد الله في وزارته للمكتفي بالله ذكر أحمد بن الطيب السرخسي الذي قتله المعتضد

<<  <  ج: ص:  >  >>