للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانقضاب القابية من القوب (١)، وثباتا في البلد إن جال أهله من خوف الروم، فإن أبى من يشفق عليّ أو يظهر الشفق إلا النفرة مع السواد كانت نفرة الأعضب (٢) والأدماء (٣).

وأحلف ما سافرت استكثر من النشب، ولا أتكثّر بلقاء الرجال، ولكن آثرت الإقامة بدار العلم، فشاهدت أنفس ما كان لم يسعف الزمن بإقامتي فيه، والجاهل مغالب القدر، فلهيت عما ما استأثر به الزمان، والله يجعلهم أحلاس الأوطان، لا أحلاس الخيل والركاب، ويسبغ عليهم النعمة سبوغ القمراء الطلقة على الظبي الغرير، ويحسن جزاء البغداديين فلقد وصفوني بما لا أستحق (١٥٤ و) وشهدوا لي بالفضيلة على غير علم وعرضوا علي أموالهم عرض الجد، فصادفوني غير جذل بالصفات ولا هش الى معروف الأقوام، ورحلت وهم لرحلتي كارهون، وحسبي الله «وعليه فليتوكل المتوكلون (٤)

قال: وانما قيل رهن المحبسين للزومه منزله، وكف بصره، وأقام مدة طويلة في منزله محتجبا لا يدخل عليه أحد، ثم ان الناس تسببوا اليه حتى دخلوا عليه، فكتب الشيخ أبو صالح محمد بن المهذب إلى أخيه أبي الهيثم عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان رحمهما الله في ذلك.

بشمس زرود لا ببدر معان … ألمّا وإن كان الجميع شجاني

يقول فيها:

أبا الهيثم اسمع ما أقول فإنّما … يعين على ما قلت خير معان

قريضي هجاء إن حرمت مديحه … لأروع وضّاح الجبين هجان


(١) -في القاموس: تخلصت قابة من قوب: أي بيضة من فرخ، يضرب لمن انفصل عن صاحبه.
(٢) -الاعضب: من لا ناصر له والقصير اليد.
(٣) -الأدماء: أي الفقراء.
(٤) - سورة يوسف-الآية:٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>