وله كتاب آخر كبير نحو ستين مجلدا على هذا الوضع أيضا سماه «الأيك (١٦١ و) والغصون» وسماه «الهمزه والردف» يتضمن أيضا تمجيد الله تعالى والثناء عليه والمواعظ، ولم ينسبوه فيه إلى معارضة القرآن العزيز، وإنما نسبوه في الفصول والغايات لا غير، وقد كان له جماعة يحسدونه على فضله ومكانته من أبناء زمانه تصدّوا لأذاه، وتتبعوا كلامه وحملوه على غير المقصد الذي قصده كما هو عادة أبناء كل زمان في افتراء الكذب واختلاق البهتان، ووقفت له على كتاب وضعه في الرد على من نسبه إلى معارضة القرآن والجواب عن أبيات استخرجوها من نظمه رموه بسببها بالكفر والطغيان، سمى الكتاب «بزجر النابح» ورد فيه على الطاعن في دينه والقادح.
قرأت بخط أبي طاهر السلفي في رسالة كتبها أبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الآذري إلى الكيا أبي الفتح الأصبهاني قال: ومنها-يعني من قنسرين- أدلجت متوجها الى معرة النعمان، والسوق الى أبي العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي أسعده الله، يحدو ركابي، والحنين إلى لقائه يحثّ أصحابي، وبلغت المعرة ضحية فلم أطق صبرا حتى دخلت إلى الشيخ أبي العلاء أسعده الله، فشاهدت منه بحرا لا بدرك غوره، وقليب ماء لا يدرك قعره، فأما اللغة ضمن قلبه، والنحو حشو ثوبه، والتصريف نشر بيته، والعروض ملك يده، والشعر طوع طبعه، والترسل بين أمره ونهيه، ورأيت أسبابه كلها أسباب من علم أن العيش (١٦١ ظ) تعليل وأن المقام فيها قليل.
قال فيها: ورأيت من كتبه كتاب «الفصول والغايات، وكتاب لزوم ما لا يلزم، وكتاب زجر النابح» وسبب تصنيفه هذا الكتاب أن قوما من حساده فكوا من مقاطيع له في كتاب «لزوم ما لا يلزم» أبياتا كفروه فيها، وشهدوا عليه باستحالة معانيها، ومقاصد الشيخ أبي العلاء فيها غير مقاصدهم، ومغايصه في معانيها غير مغايصهم، فمن ذلك قوله: