اجتماع أبي العلاء بصالح كان بظاهر معرة النعمان قال: سنة سبع عشرة وأربعمائة فيها: صاحت امرأة في الجامع يوم الجمعة، وذكرت أن صاحب الماخور أراد أن يغصبها نفسها، فنفر كل من في الجامع إلا القاضي والمشايخ، وهدموا الماخور، وأخذوا خشبه ونهبوه، وكان أسد الدولة صالح في (١٧٤ ظ) نواحي صيدا.
ثم قال: سنة ثماني عشرة وأربعمائة فيها: وصل أسد الدولة صالح بن مرداس الى حلب وأمر باعتقال مشايخ المعرة وأما ثلها، فاعتقل سبعون رجلا في مجلس الحصن سبعين يوما، وذلك بعد عيد الفطر بأيام، وكان أسد الدولة غير مؤثر لذلك، وانما غلب تاذرس (١) على رأيه وكان يوهمه أنه يقيم عليهم الهيبة، ولقد بلغنا أنه خاطبه في ذلك فقال له: أقتل المهذب وأبا المجد بسبب ماخور، ما أفعل وقد بلغني أنه دعي لهم في آمد وميافارقين، وقطع عليهم ألف دينار، واستدعى الشيخ أبا العلاء بن عبد الله بن سليمان رحمه الله بظاهر معرة النعمان، فلما حصل عنده في المجلس قال له الشيخ أبو العلاء: مولانا السيد الاجل، أسد الدولة ومقدمها وناصحها، كالنهار الماتع اشتد هجيره وطاب أبرداه، وكالسيف القاطع لان صفحه وخشن حداه:«خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين» فقال صالح: قد وهبتهم لك أيها الشيخ، ولم يعلم الشيخ أبو العلاء أن المال قد قطع عليهم والا كان قد سأل فيه، ثم قال الشيخ أبو العلاء بعد ذلك شعرا:
تغيبت في منزلي برهة … ستير العيون فقيد الحسد
فلما مضى العمر إلاّ الأقل … وحم لروحي فراق الجسد (١٧٥ ظ)
بعثت شفيعا إلى صالح … وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني سجع الحمام … وأسمع منه زئير الأسد
فلا يعجبني هذا النفاق … فكم نفقت محنة ما كسد
(١) -كان وزيره ومدبر أمره وقد قتل معه في معركة الاقحوانة.