وقرأت فيه لأبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين من قصيدة:
نصال الدهر أقصد من سواها … وإن أدمت ولم تدم النصال
ألم تر كيف لم يأمن شباها … أمين الأرض والورع البجال
وسار سريره فوق الهوادي … لقد خفّت مذ اليوم الجبال
وأقبر في المعرّة وهو أولى … بقبر في المجرّة لا يطال (١٧٩ ظ)
وقرأت فيه لأبي الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة:
العلم بعد أبي العلاء مضيّع … والأرض خالية الجوانب بلقع
لا عالم فيها يبين مشكلا … للسائلين ولا سماع ينفع
وعظ الانام بما استطاع من الهدى … لو كان يعقل جاهل أو يسمع
ومضى وقد ملأ البلاد غرائبا … أسفي عليه وقد مشيت وراءه
ما كنت أعلم وهو يودع في الثرى … أن الثرى فيه الكواكب تودع
جبل ظننت وقد تزعزع ركنه … أنّ الجبال الراسيات تزعزع
وعجبت أن تسع المعرة قبرة … ويضيق عرض الارض عنه الأوسع
أسفي عليه وقد مشيت وراءه … ومتالع فوق المناكب ترفع
والشمس كاسفة الضياء كئيبة … والجوّ مسود الجوانب أسفع
والأرض عادمة النسيم كأنما … سدّت منافسها الرياح الأربع
لو فاضت المهجات يوم وفاته … ما استكثرت فيه فكيف الأدمع
إني لمحتشم وقد دخل الثرى … ويكون لي كبد ولا تتقطع (١)
أخبرنا أبو اليمن الكندي في كتابه قال: أجاز لنا أبو عبد الله محمد بن نصر القيسراني، وقال: وكتبها عند قبر أبي العلاء بمعرة النعمان.
(١) -ديوان ابن أبي حصينة-ط. دمشق ١/ ٣٧٣:١٩٥٦ - ٣٧٤.