للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا للقرمطي، وهو صاحب الخال،: قد وجب حقك علينا، وقد رأيت ما كان من جدنا واجتهادنا (١٩٢ - و) ومن حقك علينا أن ندعك ورأيك، وإنما يطلبنا السلطان بسببك، فانج بنفسك، فأخذ ألف دينار فشدها في وسطه في هميان (١)، وأخذ معه غلاما له روميا يقال له لؤلؤ، كان يهواه ويحل منه محل بدر من المعتضد بالله، وركب معه المدثر، وكان يزعم أنه ابن عمه، والمطوق غلامه، ومع كل واحد منهم هميان في وسطه.

فأما المطوق-وهو اتخذ له سخاب (٢) وقت دخوله الى مدينة السلام- فإني سألت عنه أبا المحمدين فذكر أنه رجل من أهل الموصل، وأنه صار الى الإمام- بزعمه-فجعل يورق له ويسامره، ولم يعرف قبل ذلك الوقت.

وأخذوا دليلا، وسار يريد الكوفة عرضا في البرية، فغلط‍ بهم الدليل الطريق، وأخرجهم بموضع بين الدالية والرحبة يقال له بنو محرز، فلما صاروا الى بني محرز نزلوا خارج القرية في بيدر عامر، فأخرجوا دقيقا كان معهم في مزود، واقتدحوا نارا، واحتطبوا ليخبزوا هناك، وكان وقت مغيب الشمس، فعلا الدخان، وارتاب الموكلون ببني محرز من أصحاب المسالح بما رأوه، فأموا الموضع، فلقوا الدليل فعرفه بعضهم، فقال ما وراءك؟ قال: هذا القرمطي وراء الدالية، فشدوا عليهم فأخذوهم، وكتبوا الى أبي خبزة وهو في الدالية يعلمونه بهذا، فأتاهم ليلا، فأخذهم وصار بهم الى الدالية، وأخذ من وسط‍ غلام له هميانا فيه ألفا دينار، (١٩٢ - ظ‍) ومن وسط‍ المدثر مثل ذلك، وأخذ الهميان الذي كان مع القرمطي، ووكل بهم في دار بالدالية، وكتب الى أحمد بن محمد بن كشمرد وهو


(١) -الهميان-فارسية معربة، شداد السراويل: وتكة وما يجعل فيه الدراهم ويشد على الحقو. اللسان.
(٢) -السخاب: قلادة. اللسان: وجاء في الطبري:٢٢٤٣ - ٢٢٤٤ أنه لما دخل الرقة كان يشتم الناس اذا دعوا عليه ويبزق عليهم، فاتخذ له ما يشبه اللجام لئلا يفعل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>