للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرحبة يخبره فأسرع في السير إليهم، فلما وافى احتبس القرمطي في بيت لطيف في مجنب الحيري، فحدثني بعض أهل الدالية قال: لما وافى ابن كشمرد سأل القرمطي ما أخذه منك؟ قال: ما أخذ مني شيء، فقال له المطوق: أتبغي من الإمام ما لا يحسن منه الإقرار به، ودعا بالبزاز فأخذ ثيابا، ثم دعا بالخياط‍ ليقطع للقرمطي تلك الثياب، فقال ما لخياط‍ للقرمطي: قم حتى أقدر الثوب عليك، فقال المطوق للخياط‍: أتقول يا بن اللخناء للإمام قم! اقطع ثكلتك أمك على سبعة أشبار.

وصار ابن كشمرد وأبو خبزه بالقرمطي الى الرقة، ورجعت جيوش أمير المؤمنين بعد أن تلقطوا كل من قدروا عليه من أصحاب القرمطي في أعمال حمص ونواحيها، وورد كتاب القاسم بن عبيد الله بأن القرمطي أدخل الرقة ظاهرا للناس على جمل فالج (١)، وعليه برنس حرير ودراعة ديباج، وبين يديه المدثر والمطوق على جملين في يوم الاثنين لأربع ليال بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين حتى صير بهم الى دار أمير المؤمنين بالرقة فأوقفوا بين يديه، ثم أمر بهم فحبسوا، واستبشر الناس والأولياء بما هنأه الله في أمر هذا القرمطي، وقرظ‍ أمير المؤمنين القاسم بن عبيد الله في (١٩٣ - و) هذا الوقت وأحمده فيما كان من تدبيره في أمر هذا الفتح، وخلع عليه خلعا شرفه بها، وقلده سيفا ولقبه بولي الدولة، وانصرف الى منزله بالرقة.

وخلف أمير المؤمنين عساكره مع محمد بن سليمان، وشخص من الرقة في غلمانه ووجوه أصحابه، وحرمه، وشخص معه أبو الحسين القاسم بن عبيد الى بغداد وحمل معه القرمطي والمدثر، والمطوق وجماعة ممن أسر في الوقعة مستهل صفر، وقعد في الحراقات في الفرات، ولم يزل متلوما في الطريق حتى وصل الى البستان المعروف بالبشرى ليلة السبت لليلتين بقيتا من صفر، فأقام به، ثم عبر من هناك الى


(١) -الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين. القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>