للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩٩٠ - المولى الفاضل العلامة مصلح الدين مصطفى بن يوسف المعروف بخواجه زاده البرسوي (١)، المتوفى بها في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة وله تسع وسبعون سنة.

كان أبوه من التجّار وسلك خلاف مسلك أبيه فأسقطه عن عينه، واشتغل هو في سوء الحال والفقر، ثم وصل إلى خدمة ابن قاضي أياثلوغ، فقرأ عنده الأصلين والمعاني بمدرسة أغراس، ثم قرأ على المولى خضر بك وصار معيدًا له وحصَّل عنده كثيرًا وكان يكرمه إكرامًا عظيمًا لاستعداده، ثم أرسله إلى السلطان مراد خان وشهد له باستحقاقه فأعطاه المدرسة الأسدية ببروسا، فاشتغل هناك ست سنين وحفظ "شرح المواقف". ولما تسلطن السلطان محمد خان وشاع [أمر] (٢) رغبته في العلم، ذهب إليه ونظم قصيدة في مدح الوزير محمود باشا فأعجبه شأنه وذهب معه إلى السلطان وعرفه فإذا فيه المولى زيرك والمولى سيد علي فباحث معهما وظهر فضله عليهما فجعله السلطان معلمًا لنفسه ونال جاهًا عظيمًا وقرأ عليه تصريف الزّنجاني وكتب هو شرحًا عليه وتقرّب عنده إلى أن حسده الوزير فصيّره قاضيًا للعسكر سنة ٨٦٢ فجاء أبوه وإخوته للزيارة واعتذر إليه عن تقصيره واستمرت ثمانية أشهر، ثم إن السلطان أعطاه سلطانية بروسا بخمسين درهمًا وكان يفتخر بها فوق ما يفتخر بالقضاء والتعليم فتباحث مع المولى زيرك في برهان التوحيد واستمرت (٣) المباحثة إلى سبعة أيام، ثم ظهر فضله وصار قاضيًا بأدرنة سنة ٨٧١ ثم بقسطنطينية سنة ٨٧٧ ثم إن الوزير محمد باشا القَرَامَاني جعله قاضيًا بإزنيق مع تدريسه فذهب إليها، يقال إنه صنّف "التهافت" حين صعد مع طلبته على الجبال لتبديل الهواء ولما ورد الحكم بألقاب القضاة ترك القضاء وقدم قسطنطينية، فأراد الوزير أن يباحث مع المولى خطيب زاده فقال: إنه يباحث أولًا مع تلامذتي فإنهم أقرانه في المنصب. وقيل: امتنع وقال: إذا غلبته وهو المأمول، فلا فضل لي. ولما جلس السلطان بايزيد خان أعطاه سلطانية بروسا بمائة درهم مع الفتوى واستمر بها إلى أن توفاه الله، وقد اختل رجلاه ويده اليمنى وكان يكتب الفتوى باليد اليسرى. وله اعتراض على بعض المواضع من "حاشية شرح المختصر" للسيد، ولما قررها قال: هذا ليس دعوى الفضل عليه أو التساوي معه، إنه أستاذي في العلوم بتصانيفه لكن كان له همّة صادقة ولم يتخللها علّة بدنية ومناصب أجنبية ولقد كان معي تلك الهمّة لكن [حلّ] محلها سوء المزاج والمناصب الأجنبية ولولا ذلك لكان لي شان في العلم. وكان يقول: إني صاحب إقدام وإحجام إذا كملت مطالعتي، لا


(١) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (١٢٦ - ١٤٢) و"حدائق الشقائق" (١٤٥ - ١٥٨) و"هدية العارفين" (٢/ ٤٣٣) و"فذلكة" ورق (٢١١ أ) و"الأعلام" (٧/ ٢٤٧) و"معجم المؤلفين" (٣/ ٨٨٨).
(٢) زيادة منا يقتضيها سياق الكلام لتمام معناه.
(٣) في الأصل "واستمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>