للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسلطن بعد خلع المنصور عثمان في ربيع الأول سنة ٨٥٧ وكان من مماليك الظاهر برقوق، ثم أعتقه الناصر فرج وجعله خاصكياً، ثم تأمر وجعله برسباي أمير طبلخانات، ثم تولى إمارة غزة والرها، ثم إمارة مائة ومقدمة ألف، ثم ولي الدوادارية والأتابكية فدام إلى أن تسلطن ثمان سنين ولما مات تسلطن ولده المؤيد أحمد وله مدرسة بالصحراء خارج القاهرة.

وكان أقرب للسمرة طوالاً وبلحيته قليل شعر ولهذا كان يعرف بالأجرد وكانت أيامه غرر أيام إلا أنه لم يسلم من سوء سيرة مماليكه وإلا كان خير ملوك الأتراك وكان أميّاً لا يهتدي إلى كتابة العلامة على المناشير. ذكره جمال الدين والجنابي.

١٠٣٦ - حضرة أيوب (١) الصَّابر بن أموص بن رازح بن رمو بن العيص بن إسحق -عليه السلام- (٢)، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وستمائة وثلاثة آلاف من الطوفان وعمره أزيد من مائتين.

وأيوب نبي مرسل وكان أبوه ممن آمن بإبراهيم -عليه السلام- وأمه بنت لوط وزوجته رحمة بنت أفراييم وقال البيضاوي: ليا بنت يعقوب وقيل غير ذلك. رزقه الله منها اثني عشر بطناً. وكان صاحب أموال عظيمة وعقارات كثيرة بأرض حوران، فابتلاه الله بأن أذهب أمواله وأولاده، ثم ابتلاه في جسده حتى تدود ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، وبقي مرمياً على مزبلة لا يطيق أحد أن يشم رائحته، فعافه الجليس وأوحش منه الأنيس وهو في كل ذلك شاكر صابر محتسب لا يجزع، وزوجته صابرة تخدمه وترعى له حقه، وكان يقول: اللهم إن كان هذا رضاك فشدد وإن كان من سخطك فاغفر. واختلف في سبب سؤاله العافية فقيل: إن زوجته تراءى لها إبليس وقال لها اسجدي لي لأرد مالكم، فاستأذنت أيوب فغضب وحلف لئن شفاني الله تعالى لأجلدنك مائة جلدة وقال لها: اغربي عني فطردها فذهبت، فلما نظر وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجداً وقال: رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فقيل له: اركض برجلك فركض فنبعت عين فاغتسل منها فلم يبق منها داء، يقال: العين مشهورة اليوم ببلاد الجولان ثم أجلت امرأته فأعتنقته ورد الله عليهما كل مال لهما وولدهما أضعافاً كما قال: "وآتيناه أهله ومثلهم معهم" (٣). ولما عوفي أمره الله تعالى أن يأخذ عرجونا من النجل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته وهى رخصة باقية في الحدود والإيمان


(١) جاء في هامش النسخة الأصل ما نصه: "أيوب فيعول من آب يؤوب أي رجع. قال .... لكنه اسم أعجمي" وانظر "المعرب" للجواليقي (١٤ - ١٥).
(٢) ترجمته في "تاريخ الطبري" (١/ ٣٢٢ - ٣٢٥، ٣٤٤) و"مروج الذهب" (١/ ٤٨) و"جامع الأصول" (١٢/ ٢٩١) و"الكامل في التاريخ" (١/ ١٢٨ - ١٣٦) و"مختصر تاريخ دمشق" (٥/ ١٠٥ - ١١٤) و"البداية والنهاية" (١/ ٢٢٠ - ٢٢٥) و"فذلكة" ورق (٩ ب) و"الأعلام" (٢/ ٣٦ - ٣٧).
(٣) استعارة ومن قوله تعالى في سورة الأنبياء: الآية (٨٣): "وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الرحمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>