والافتخار بالبخل، ونَحْوُ الفقهاء .. وغير ذلك مما استخرجه من كتب الغزالي، والحارث المحاسبي، والشافعي، والاصطخري، وأبي ثور، وابن جرير، وابن سريج، وأبي القاسم القشيري، والسبكي، والذهبي، وغيرهم من المؤلفين.
وتوجد النسخة الوحيدة التي هي بخط المؤلف في مكتبة نور عثمانية بإستانبول تحت رقم (٤٩٤٩)، وتقع في ٢٤٣ ورقة.
[١٤ - دستور العمل في إصلاح الخلل (بالتركية)]
كان كاتب جلبي قد شارك هو الآخر في اجتماع الديوان الهمايوني [لسلطاني] الذي انعقد عام ١٠٦٣ هـ (١٦٥٣ م) بقصد بحث الأسباب التي أدت إلى تناقص الإيرادات وزيادة النفقات في ميزانية الدولة، وإيجاد حلول لعجز الميزانية الذي يقتضي جباية ضرائب العام التالي مقدمًا. وباعتباره رجلًا له تجاربه في الحرب والسلم وعِلْمه بتاريخ السلف فقد قام بوضع رسالة في هذا الصدد من مقدمة وثلاثة فصول ونتيجة، ثم جعل لها ذلك العنوان. فذكر في المقدمة أن حياة المجتمعات تشبه حياة الأفراد من حيث انقسامها إلى مراحل مختلفة، وأن لكل مرحلة خصائصها التي تتميز بها، وأن الدولة العثمانية قد ولجت مرحلة الركود، وأن على المسئولين الذين بيدهم زمام الأمور أن يروا ذلك ويتخذوا له التدابير اللازمة، وأن القاعدة العامة في علاج الخلل أن تتضمن الجانب العضوي والجانب النفسي معًا، وأن لكل مرحلة علاج خاص بها.
أما في الفصل الأول فهو يتحدث عن أحوال الرعية، فيقول إن العلماء والعسكر وأصحاب التيمار [أي الاقطاعات] والرعايا يشكلون الأركان الأربعة الأساسية في المجتمع الذي يحكمه السلطان بواسطة رجال الدولة.
ويقول إن هذه الأركان تشبه الأخلاط الأربعة في البدن، فإذا استفادت من بعضها البعض واتسق عملها صلح البدن، وصلح نظام المجتمع. ثم يشير إلى أنه رأى بعينيه حالة الخراب التي وصلت إليها كافة القرى أثناء سفره على مدى اثنتي عشرة سنة، ويعدد أسباب ذلك في فداحة الضرائب وانتشار الرشوة ومخالفة القانون، ثم يقول محذرًا: إنه في حالة الاستمرار في ذلك فلا مفر من خراب البلاد مع انتشار الثورات والمظالم.
وفي الفصل الثاني يتعرض لأحوال العسكر، فيقول إن النفقات زادت نتيجة للازدياد المستمر في أعداد العسكر، ثم جرى تخفيض عددهم إلى النصف، وكان هناك تدابير أخرى عديدة يمكن اللجوء إليها دون تخفيض عدد الجند.