وبسبب سقوط وضياع البطاقات الملصقة على الورقة (٢٦ b) التي تأتي عقب الترجمة رقم (٤٧٥) الموجودة في الورقة (٢٦ a) من مسودة المؤلف والخاصة (بالإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي) فإن صحة ترتيب الترجمة رقم (٤٧٦) التي هي أولى الترجمات الثماني المنقولة إلى نسخة القاهرة والخاصة (بالشيخ الإمام أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي) إنما تتأكد بلفظ التعقيب الموجود في نهاية الورقة (٢٧ a). ومن الأمور التي تلفت الأنظار عند المقارنة بين النسختين أيضًا عدم احتواء نسخة القاهرة على الترجمة الواردة تحت رقم (٩٨٣) في هذا الكتاب والخاصة بأحد علماء العثمانيين (إلياس ابن الشيخ مجد الدين عيسى الآقْحِصَاري البيرامي الجفّار)، وعند الإمعان بدقة في نسخة المؤلف الموجودة بين أيدينا سوف نلحظ أن هذه الترجمة قد أضيفت فيما بعد من قبل المؤلف إلى الفراغ الموجود. والخلاصة هي اعتقادنا بوجود مجلد أول قام بتبييضه كاتب جلبي وكان الأساس لنسخة القاهرة، وما ذكرناه هو الإثبات على صحته، ونأمل أن يظهر للناس في يوم من الأيام. كما يمكننا القول إن كاتب جلبي ظل يعمل حتى وفاته على المسودة المحفوظة ضمن مجموعة الشهيد علي باشا، فكان يضيف إليها الإضافات ويملأ فيها بعض الفراغات بين الحين والآخر.
[المنهج المتبع في تأليف سلم الوصول]
نحن على قناعة أن كاتب جلبي قد أعد هذا الكتاب بالتوازي مع إعداده لكتاب "كشف الظنون"، وسعى في هذا الكتاب لوضع تراجم موجزة للحكام الذين عاشوا حتى عصره، وتراجم كبار العلماء (من المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين)، وتراجم المتصوفة والأدباء والشعراء والمؤرخين والحكماء والأطباء وغيرهم، كما ترجم للأنبياء والصحابة والشخصيات التي اشتهرت من قدماء ما قبل الإسلام. وهو كتاب يشمل مرحلة زمنية وبقعة جغرافية شاسعتين، واعتمد فيه صاحبه على مصادر كتبت باللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية، وهو أمر لم يكن من نصيب عالم مسلم قبله.
فقد كان كاتب جلبي عالمًا يجيد الألسنة الثلاثة، واستطاع الاستفادة من تلك الميزة، إذ وضع كتبه باللغتين التركية والعربية، وزوّدها بالعبارات والأبيات الفارسية. وقد استفاد عند تأليفه لكتاب "سلم الوصول" من المصادر المكتوبة باللغات الثلاث، بل ومن بعض المصادر اللاتينية. والكتاب يضم نحو فى ٨٥٦١ ترجمة، وهو عدد لم يحدث أن رأيناه في كتاب للتراجم بهذا الحجم والإتساع في التاريخ العثماني قبل كاتب جلبي. فقد كانت العادة حتى زمن كاتب جلبي أن تحتوي مثل هذه الأعمال على تراجم لأشخاص معروفين في أدبيات لغة واحدة بوجه عام، ومثلما أوجز أدبيات اللغات الثلاث في كتاب "كشف الظنون" فقد استطاع أن