للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرْسَلَ على هؤلاء المتعلمين الجدد

صوته الشجي كالناي حسنًا

ولم يك قعيدًا كالدجاجة ليلًا عند مسقاها

وهو صغيرٌ مع الصغير كبيرٌ مع الكبير (٣٤)

وقد حظي كاتب جلبي بسمعة طيبة، ونال تقدير الناس واحترامهم في حياته وبعد مماته، ولم يخرج على ذلك إلّا رجل يدعى الشيخ محمد نظمي في كتابه الذي ألفه عام ١١٠٨ هـ (١٦٩٦ م) تحت عنوان "هدية الإخوان وعبرة الخلان"، فقد كتب عن العلاقة التي كانت بين قاضي زاده والشيخ السيواسي، وتعرض وهو يترجم لحياة الثاني لكاتب جلبي، فَقَدَحَهُ بلسان غليظ. والحق أن مؤلفات كاتب جلبي كلها تشهد على روحه السمحة، وموضوعيته في النقد، وحياده بين الأطراف المختلفة (٣٥). فقد كان كاتب جلبي رجلًا وقورًا ينفر من الهجاء (٣٦)، ولم يتحدث في كتابه عن الهزل والمزاح إلّا قليلًا، إذ كان يعرف للأخلاق السامية قدرها، ولهذا امتدح كتاب (اخلاق علائي) في الأخلاق والحكم والسياسة بما لم يمتدح به كتابًا آخر، وامتدح مؤلفه قنالى زاده علي أفندي، فقال "هو أحسن من الجميع في نفس الأمر، شكر الله سعي مؤلفه، وجعله مثابًا ومأجورًا بسبب هذا التأليف الحنيف والتحرير اللطيف، ولعمري إنه كامل أخلاقه طيب أعراقه، من الأفاضل الأفراد، وآثاره تجذب بيد لطفها عنان الفؤاد". ونعلم أيضًا أنه كان من أصحاب الذوق الرفيع، إذ يهوى تربية الزهور، وكان يزرع نوعًا من السنبل الأزرق كثير الأوراق.

[أعماله]

[١ - فذلكة أقوال الأخيار في علم التاريخ والأخبار (بالعريية)]

وهو أول كتاب شرع في تأليفه فكتبه بالعربية، ويضم مقدمة وثلاثة أصول وخاتمة، وهو في التاريخ الإسلامي العام. وتضم المقدمة أربعة فصول، يتحدث أولها عما يحتويه الكتاب من فصول وأبواب. ويتحدث الفصل الثاني عن معنى التاريخ وموضوعاته وفوائده. بينما يتعرض الفصل الثالث لأسماء الكتب التي كتبت في ذلك الموضوع، مرتبةً بحسب الترتيب الألفبائي، وتبدأ بالكتب العربية ثم الفارسية ثم التركية. أما الفصل الرابع فهو يتعرض لذكر القواعد والأصول التي يجب على المؤرخ الالتزام بها في الكتابة. وفي الأصل الأول الذي


(٣٤) رند وزاهد له همدم وهمرنك
(٣٥) انظر: هدية الإخوان، مكتبة. السليمانية، حاجي محمود أفندي، رقم ٤٥٨٧.
(٣٦) انظر: كشف الظنون، ٢/ ١٠١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>