للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا (١)

الحمد لله الذي خَلَق الإنسان فهدى وشَرَّفه بالنطق والإدراك ولم يُترك سُدَى، رفع طبقات الأبرار ووضع منزلةَ من طغى واعتدى.

والصلاة والسلام على أفضل من جاء بالحقّ والهُدى وعلى آله وأصحابه نجوم الفلاح والاهتدا.

أما بعد: فلا يخفى أن الله تعالى جعل العلم فخرًا باقيًا على مَرّ الدهور والأعصار وذخرًا روحانيًا إلى دار القرار، تمتد إليه أعناق الأذهان [في] كل زمان ومكان ولا يكسد سوقه حيثما قام وأينما كان.

ومن المعلوم أن التاريخ من أنفع العلوم، إذ هو -كما قيل- نوع من المعاد، وإحياء ما اندرس من رسوم البلاد والعباد، سيما علم الوفيات فإنه من جملة الواجبات، لأن الناس على طبقاتٍ مختلفةٍ ومراتب غير مؤتلفة، حتى انتهى التفاوت إلى أن عُدَّ ألفٌ بواحد (٢)، فمنهم من اعتلى إلى أن التحق بالملأ الأعلى. ومنهم من تَسَفَّلَ إلى طبع الجسم الجامد.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرَنَا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُم" (٣).

هذا والجاهل بعلم الرجال راكبٌ عمياء، خابطٌ خبط عشواء، ينسب إلى من تقدم أخبار من تأخّر، ويعكس ذلك ولا يتدبَّر، لكن الكتب فيه بين إسهاب وإيجاز، وإطلاق الوفيات على كثير منها مجاز.


(١) تنبيه: مقدمة المؤلف بتمامها لم ترد في نسخة الأصل وانفردت بها نسخة (م).
(٢) ومن ذلك قولهم: "الفُراوي ألف راوي" أي يعدل ألف راوٍ. انظر "شذرات الذهب" (٦/ ١٥٧).
(٣) ذكره السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" (٣٠) وعزاه لمسلم في المقدمة ولأبي داود والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ٣٠) - وقد نقله المؤلف عنه- قال الحاكم أبو عبد الله في "علوم الحديث": وهو حديث صحيح، وأشار أبو داود في "سننه" إلى أنه مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>