ولما كثر عندي عَددها وعُددها، واجتمع لدي أسبابها وسندها، أردت أن أجمع من جملتها كتابًا وسطًا على وفق خير الأمور، بحذف الزوائد وإثبات المهم والفوائد، مع إلحاق فوائد يقف دونها الفحول وتنجذب إليها الأذهان والعقول، فإني جمعت فيه أساطين الأوائل والأواخر، وبذلت جهدي في بيان مبهمات الأسماء والأنساب فلم أغادر، حسبما يقتضيه الحال من التفصيل والإجمال، ورتّبته على حروف أسماء الأشخاص وأسماء آبائهم كما هو الواجب فيه، وكذا الأنساب والألقاب في القسم الذي يليه باعتبار الخط دون اللفظ والأصل فإنه محسوس بديهي بالقياس إليهما عند العقل وسميته -بعد أن أتممته-:
"سُلّم الوصول إلى طبقات الفحول"
مشتملًا على مقدمة وقسمين وخاتمة، وما أردت بذلك إلَّا التَّبرك بذكر خيارهم والتوسل إلى الله بالاقتفاء على آثارهم، فإن عند ذكر الصالحين تنزّل الرحمة.
وقد أورد ابن فهد في "تحقيق الصفا عن سيد البشر المصطفى - صلى الله عليه وسلم -" أنه قال: "مَنْ وَرَّخ مُؤمِنًا فَكَأنما أحياه"(١) أو كما قال. ولا يبعد من كرم أكرم الأكرمين أن يغفر لي بحرمة عباده المُكْرَمين، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم.
* * *
(١) ذكره السخاوي في "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ" ضمن كتاب "علم التاريخ عند المسلمين" لروزنثال (٤٢٢) وعزاه لأبي العباس أحمد بن علي بن أبي بكر بن عيسى بن محمد بن زياد الميورقي، المتوفى نحو سنة (٦٧٨ هـ) في كتابه "أعمال الاحتمال" وقال السخاوي: وأظنه اسم كتاب من كتب التاريخ. وانظر "معجم المؤلفين" (١/ ٢٠٢).