نشأ في حجر السعادة وتعلم العلوم ومهر في الفروسية والفراسة وصار أميرا ببلدة طربزون ولم يزل بها إلى أن جرى له مع أبيه ما ذكر. وتسلطن في ثامن عشر صفر من شهور سنة ٩١٨ ... وكان السلطان سليم خان عالمًا فاضلا حسن الطبع بعيد الغور صاحب رأي وتدبير وحزم وإقدام وهمة وكان يعرف الألسنة الثلاثة وينظم فيها نظما جيدا وكان يأكل في اليوم والليل مرة واحدة وقد أمر النظر على جميع ما في خزينته من الكتب وكان دائم الفكر في أحوال الرعية والمملكة وقهر الملوك وكان في بدنه سبعة خيلان فأشر بعض العارفين إلى استيلائه على سبعة نفر من الملوك. فكان كذلك -رحمه الله-].
١٩٢٢ - سليم بن سليمان بن سليم [السلطان الحادي عشر (١)، ولادته في أواخر شهر رجب سنة ٩٢٩ ولما بلغه خبر انتقال أبيه نهض من دار إمارته بلدة كوتاهيه ودخل القسطنطينية في ثامن ربيع الآخر سنة ٩٧٤ وجلس على التخت فبايعه الأركان وعزوه بأبيه وهنوه بالسلطنة صبيحة ذلك اليوم ... . وتوفي في ثامن عشري شعبان سنة ٩٨٢ في ثاني الزمهرير واخفى موته أحد عشر يوما يوم الاثنين وقت الزوال حتى قدم ولي عهده مراد خان ليلة الأربعاء الثامن من
رمضان من البحر ... وكان -رحمه الله- شهما ذكيا مائلا إلى العدل ووجوه الخير لين الجانب كثير الصفح عن جرائم الناس وكان مهيب الشكل كثير التلاوة والبكاء مذعنا للشرع، وكان لا يحب الإسراف في بيت المال، وكان مع ذلك متهما بالميل إلى اللهو والطرب والتوغل في الملاذ والنعم وقد صح أنه تاب في مدة مرضه قبل موته بشهرين وكان صحيح العقيدة مواظبا على الصلوات الخمس ويتردد إلى المساجد، وتوفي عن اثنتين وخمسين سنة وكانت مدة سلطنته ثمانية أعوام وخمسة أشهر وتسعة عشر يوما وكان مولده في آخر رجب سنة ٩٣٠ بقسطنطنية. وله من أولاد مراد ومحمد مات سنة ٩٨٠ وأبناؤه الذين استشهدوا في الجلوس سنة ٩٨٢ سليمان ومصطفى، جهانكير وعبد الله وعثمان والبنات إسميخان سلطان، كوهر خان، سلطانشاه سلطان، فاطمة سلطان صاحبة المدرسة. وله من أبنية الخير بناء قبب الحرم الشريف، أمر بهدم السقوف العتيقة في سنة ٩٧٨ لوهنها وتشققها من نفوذ المطر فبنوا قببا عاليا مغطاة بالرصاص فصارت في غاية ما يكون من الحسن واللطافة. وأتم جسر جكمجه الكبرى الذي شرع [فيه] والده فمات قبل تمامه. ولما أرادت أخته مهروماه سلطان إجراء الماء من عرفات إلى مكة أمدها بأموال جزيلة فوصل بهمته إلى مكة في سنة ٩٨٠ وجرى على وجه الأرض في أماكن متعددة، ومنها منارتا أياصوفيه وتخليته حرمها من البيوت والسقوف بعد إرضاء أربابها وبنى سندا للجدار من الخارج في عدة مواضع. ومن معظم آثاره جامع