للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى وأربعين ومائتين عن سبع وسبعين سنة.

قدم به أبوه من مرو وهو حمل فولد ببغداد في ربيع الأول سنة ١٦٤ ومات أبوه شاباً وهو جندي وأحمد ابن ثلاث وطلب العلم في مجلس القاضي أبي يوسف، ثم أقبل على سماع الحديث وهو ابن ستة عشر. وحجَّ وجاور سنين. وأخذ عن عبد الرزاق بصنعاء ويحيى بن معين وإسحق بن راهويه وطاف البلاد. وسمع من مشايخ العصر كإسمعيل بن عُلية ويزيد بن هرون ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي ووكيع وسفيان بن عيينة والشافعي وخلق.

وروى عنه أبناؤه صالح وعبد الله، ومحمد بن إسمعيل البخاري ومسلم وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود وخلق. وقد أكثر في "المسند" وغيره الرواية عن الشافعي وأخذ عنه من الفقه ما هو مشهور وكان نَقَلَةُ الفقه عنه مائة ونيف وعشرين نفساً وأما نَقَلَةُ الحديث فقد جمعت فيه المصنفات. وصنَّف في التفسير و"المسند" وهو مائة وعشرون ألف حديث و"الناسخ والمنسوخ" و"المقدم والمؤخر" و"جواب القرآن". ولما كتب المأمون من طرسوس إلى نائب بغداد يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن في سنة ٢١٨ فامتنعوا فهددهم بالضرب، فأجاب أكثرهم واستمر الإمام أحمد ومحمد بن نوح على الامتناع، فحملا على بعير وسُيّرا إلى الخليفة وهما مقيدان، فجاء الخبر بموت المأمون، فَرُدّا إلى بغداد. ومات صاحبه محمد في الطريق وبقي هو في السجن ثمانية وعشرين شهراً، ثم ضُرب بين يدي المعتصم إلى أن أغمي عليه، ثم قوّل كذلك (١) في زمان المعتصم والواثق ولما ولي المتوكل رفع المحنة وعوفي ثم لزم منزله فلم يخرج إلا لجمعة وجماعات وامتنع من التحديث، ثم دعاه المتوكل من بغداد فأكرمه وكتب لأهله في كل شهر بأربعة آلاف درهم.

وكان يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من الأسواط صلى مائة وخمسين ركعة. وكانت مجالسه مجالس الآخرة. ثم انصرف إلى بغداد بعد سنة ومرض وأشار إلى أهله أن يوضؤه فلما أكملوا وضوءه توفي. ولم يبق أحد في جانبي بغداد إلا حضر ودفن في باب حرب عند (٢) عبد الله أحد أصحاب منصور الدوانقي. وقد أخذه ماء دجلة وما سُمع أن جمعاً اجتمعوا في جنازة أكثر من جمعه. وقد جمع [أخباره] ابن الجوزي والبيهقي وشيخ الإسلام الهروي (٣) وغيرهم (٦٤ / أ- ب).


(١) في (م) "ولم يقل بذلك".
(٢) في (م) "بن".
(٣) لفظ "الهروي" سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>