العثمانيين، ولم يتحدث فيه المؤلف إلّا عن حياة الأعلام العثمانيين الذين عاشوا حتى عصره.
ويأتي كاتب جلبي على رأس أهم الشخصيات التي ألفت في مجال التراجم العامة، وهو على الرغم من وفاته في سن مكبرة إلّا أنه نجح في كتابة العديد من الكتب القيمة، وكان من أهمها وأكبرها كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" في التعريف بالكتب وموضوعات العلوم، وكتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول" في التراجم، ثم كتاب "فذلكة" في تاريخ الإسلام العام، وكتاب "جهاننما" أي مظهر العالم في الجغرافيا. وقد طبع الكتابان الأول والأخير أكثر من مرة، أما "سلم الوصول" الذي لا يقل أهمية عن هذين الكتابين المنشورين، وكذلك "فذلكة" فلم يستطع أحد التصدي لنشرهما حتى الآن.
وإدراكًا لذلك الأمر بادر مديرنا العام الأسبق والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى باتخاذ القرار لتحقيق ونشر ذلك الكتاب تحت إشرافه. وعندئذٍ تم الحصول على مسودة المؤلف المحفوظة في مكتبة السليمانية (قسم الشهيد علي باشا، رقم ١٨٨٧) في إستانبول، وعلى النسخة المنسوخة من المجلد الأول الذي بيّضه كاتب جلبي والمحفوظة في دار الكتب المصرية (مصطفى فاضل، تاريخ رقم ٥٢) بالقاهرة. ثم جرى الاتفاق مع المحقق المعروف الأستاذ محمود الأرناؤوط على انجاز عملية التحقيق، فبدأت في سنة ١٩٩٨ م. وقام الأستاذ الفاضل بقراءة النص رغم صعوبتها والمقارنة بين المخطوطتين وتحديد الفروق الموجودة بينهما حتى ظهر النص الأساسي للكتاب مدعمًا بالتعليقات والشروح اللازمة للتراجم. وبعد عملٍ مشترك وطويل من المراجعة والتدقيق وإضافة بعض الملاحظات واستكمال بعض المداخل ووضع الفهارس خرج الكتاب بصورته الجاهزة للطباعة، وها نحن نقدمه اليوم لقرائنا الأعزاء. وكما تم في أثناء الإعداد مقارنة النسختين المذكورتين فقد جرى أيضًا استكمال بعض المداخل الناقصة في المسودة بعد الرجوع لبعض المصادر وعلى رأسها كتاب "فذلكة" للمؤلف، ثم أضيفت إليها الملحوظات الببليوغرافية اللازمة.
والجدير بالذكر هنا أن "سلم الوصول" لكاتب جلبي هو أكبر الكتب التي ظهرت في التراجم العامة الإسلامية في تاريخ الأدبيات العثمانية. وقد تناول فيه المؤلف حياة رجال الدولة البارزين في تاريخ الإسلام، وحياة العلماء والشخصيات المهمة التي احتلت مكانتها في الأدبيات الإسلامية رغم أنها عاشت قبل ظهور الإسلام، ثم عن أعمال ومؤلفات هؤلاء، مع ترتيب كل ذلك في مداخل ألفبائية. كما قدم لنا في القسم الثاني من الكتاب (جـ ٤، ٥) معلومات في الأنساب والكنى والألقاب، وعَرّف بعض الأماكن والفرق والمذاهب المختلفة.