للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

الاستنباط باعتبار ظهور وخفاء النص المستنبط منه.

وفيه مطلبان:

[المطلب الأول: الاستنباط باعتبار ظهور النص المستنبط منه.]

المطلب الثاني: الاستنباط باعتبار خفاء النص المستنبط منه.

المطلب الأول: الاستنباط باعتبار ظهور النص المستنبط منه

ويقصد به: استخراج ما خفي من النص القرآني الظاهر المعنى -الواضح-.

والاستنباط هنا مباشرٌ من النص، إذ المعنى المراد من الآية ظاهرٌ لا يحتاج إلى إيضاح.

وعمل المُسْتنْبِطِ هنا: هو إعمال العقل في النص القرآني من خلال طرق الاستنباط الصحيحة لاستخراج مكنون ذلك النص، ثم بعد ذلك يعرض ما ينتج له من الفوائد والأحكام والمعاني على شروط صحتها ليسلم له ما استنبطه (١).

وقد عمد الشيخ إلى الاستنباط من هذه النصوص، ومن ذلك:

ـ قول الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [سورة البقرة: ١٠٩]، قال: "وفي هذه الآية وما بعدها إشارة إلى أن لذلك بعض الأثر في نفوس بعض المسلمين، وفائدة هذا التنبيه أو التنبيهات أن يعلم المسلمون أن ما يبدو من أهل الكتاب أحيانا من إلقاء الشبه على الإسلام وتشكيك المسلمين فيه، إنما هو مكر السوء، يبعث عليه الحسد لا النصح الذي يبعث عليه الاعتقاد" (٢).

ـ وقال -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [سورة البقرة: ٦]، قال: "هذا بيان لحال القسم الثاني من أقسام الناس تجاه هداية القرآن، وقد قطعه وفصله مما قبله، فلم يعطفه عليه للإشارة إلى ما بينهما من طول شقة الانفصال وعدم المشاركة في شيء ما، بخلاف القسم الثالث الآتي، فإن لهم حظا منه في الدنيا ولمن يتوب منهم حظ في الآخرة أيضا " (٣).


(١) منهج الاستنباط من القرآن الكريم، فهد الوهبي ١٠٢.
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٣٤٦).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١١٧).

<<  <   >  >>