للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشيخ محمد رشيد رضا في هذه المسألة أخذ برأي شيخه، كما استدل بصعوبة الأمر في الواقع المصري الذي غلب عليه التغريب، وكان المفترض أن يكون هذا استثناء خاضع لضوابط الفتوى وحاجة العصر والمصر.

والحق في المسألة أن الأصل في الزواج هو التعدد، لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [سورة النساء: ٣].

قال الشيخ ابن عثيمين: "أما من حيث تعدد الزوجات، فهل الأفضل التعدد، أو الأفضل الإفراد؟ في هذا للعلماء قولان مشهوران: القول الأول: أن الأفضل أن يقتصر على واحدة، وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد رحمه الله عند أصحابه المتأخرين، قالوا: يسن أن يتزوج نكاح واحدة، وعللوا ذلك: بأنه أبعد عن الجور، وأجمع للقلب، وأبعد عن التشويش، وقال آخرون: بل الأفضل أن يعدد؛ لأنه أكثر في تحصيل مصالح النكاح، والقول بالتعدد أقرب إلى الصواب من القول بالإفراد" (١).

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير: "ويبقى أن الحكم العام مشروعية التعدد وهو الأصل؛ لأن الله قدمه على الواحدة، وهو استجابة لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في كثرة النساء وكثرة الأولاد هذا مطلب شرعي" (٢).

[[مدار الطاعة على البقاء في دائرة حدود الله]]

قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} [سورة النساء: ١٣ - ١٤]

٢. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: " فمدار الطاعة على البقاء في دائرة هذه الحدود وهي الشريعة، ومدار العصيان على اعتدائها؛ ولذلك وصل هذه الجملة المبينة كون تلك الأحكام حدودا بذكر الجزاء على الطاعة والعصيان مطلقا" (٣).


(١) اللقاء الشهري (٧٦/ ١٢).
(٢) شرح عمدة الأحكام، عبد الكريم الخضير (٤٠/ ٥).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٤/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>