للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البغوي: " (كذلك جعلنا لكل نبي عدوا)، أي: أعداء، فيه تعزية النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني: كما ابتليناك بهؤلاء القوم، فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك أعداء، ثم فسرهم فقال: شياطين الإنس والجن" (١).

وكذلك قال ابن عطية، والبيضاوي، والنسفي، وأبو حيان، والقرطبي، وابن سعدي (٢).

ولكن لم نجد من أشار إلى أن هذا المعنى المستنبط من أساسيات علم الاجتماع الحديث، مما يدل على عناية الشيخ بالعلوم الاجتماعية.

[[خطاب الله لنبيه بربوبيته لبيان رعايته له، وخطاب الله للمشركين بألوهيته لبيان حقه عليهم]]

قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)} [سورة الأنعام: ١٠٧] وقال جل جلاله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} [سورة الأنعام: ١١٢].

٢١. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "ومن مباحث البلاغة نكتة الفرق بين قوله تعالى في الآية (١١٢) من هذه الآيات: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ)، وقوله في الآية (١٠٧) من آيات قبلها في السورة: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا)، وهي أن المشيئة أسندت إلى اسم الجلالة في مقام إظهار الحقائق في شئون المشركين وما يجب على الرسول وما ليس له، وأسندت إلى اسم الرب مضافا إلى الرسول في مقام تسليته وبيان سنته تعالى في أعداء الرسل قبله، فكأنه يقول: هذا ما اقتضته مشيئة ربك الكافل لك بحسن تربيته وعنايته نصرك على أعدائك، وجعل العاقبة لك ولمن اتبعك من المؤمنين" (٣).


(١) معالم التنزيل في تفسير القرآن (٢/ ١٥٢).
(٢) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٣٣٥)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٢/ ١٧٨)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٥٣٠)، البحر المحيط في التفسير (٤/ ٦٢٣)، الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٦٧)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ٢٦٩).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٨/ ٩).

<<  <   >  >>