للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الزمخشري: " (فآتوهن) وأجورهن مهورهن لأن المهر ثواب على البضع فريضة حال من الأجور بمعنى مفروضة، أو وضعت موضع إيتاء لأن الإيتاء مفروض أو مصدر مؤكد، أي فرض ذلك فريضة فيما تراضيتم به من بعد الفريضة فيما تحط عنه من المهر، أو تهب له من كله أو يزيد لها على مقداره" (١).

وقال الرازي: "والمعنى أن إيتاءهن أجورهن ومهورهن فريضة لازمة وواجبة" (٢).

وخالف القرطبي فقال: "في قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)، الاستمتاع التلذذ، والأجور المهور، وسمي المهر أجرا لأنه أجر الاستمتاع، وهذا نص على أن المهر يسمى أجرا، وذلك دليل على أنه في مقابلة البضع، لأن ما يقابل المنفعة يسمى أجرا" (٣)، وكذا عند أبو حيان، والشوكاني، وابن سعدي (٤).

قال ابن عاشور: "الآية على هذا قررت دفع المهور وجعلته شرعا، فصار المهر ركنا من أركان النكاح في الإسلام، وقد تقرر في عدة آيات كقوله: فآتوهن أجورهن فريضة وغير ذلك، والمهر علامة معروفة للتفرقة بين النكاح وبين المخادنة، لكنهم في الجاهلية كان الزوج يعطي مالا لولي المرأة ويسمونه حلوانا -بضم الحاء- ولا تأخذ المرأة شيئا، فأبطل الله ذلك في الإسلام بأن جعل المال للمرأة بقوله: وآتوا النساء صدقاتهن" (٥).

قال أبو زهرة: "أصل فرضية المهر بما يفيد أنه عطاء، فقد قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) والجواب عن ذلك أن الآيات التي بينت أصل الوجوب تبين القصد من الشرعية، وهو كونه هدية واجبة لبيان شرف العلاقة بين الرجل والمرأة، وللمعاني التي شرع من أجلها المهر" (٦).

[[الأمم المغلوبة أقرب إلى الجبت والطاغوت من الأمم الغالبة]]

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢)} [سورة النساء: ٥٢]


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٤٩٨).
(٢) مفاتيح الغيب (١٠/ ٤٤).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٢٩).
(٤) البحر المحيط في التفسير (٣/ ٥٨٩)، فتح القدير (١/ ٥١٨)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ١٧٤).
(٥) التحرير والتنوير (٤/ ٢٣٠).
(٦) زهرة التفاسير (٣/ ١٦٤١)

<<  <   >  >>