للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

منهج الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- في تفسير المنار

للشيخ رشيد رضا منهج واضح في تفسيره غايته فهم القرآن ومعرفة أهدافه وأغراضه والانتفاع بها كما أراد الله لهذه الأمة حتى تكون خير أمة أخرجت للناس، وعلى ذلك فالذين يفيدون من القرآن فقها وعلما طائفة خاصة من الناس هم من يقول عنهم صاحب المنار: " إنما يفهم القرآن ويتفقه فيه من كان نصب عينه ووجهه وقلبه في تلاوته في الصلاة وفى غير الصلاة ما بينه الله تعالى فيه من موضوع تنزيله وفائدة ترتيله وحكمة تدبره من علم ونور، وهدى ورحمة وموعظة وعبرة وخشوع وخشية وسنن في العالم مطردة، فتلك غاية إنذاره وتبشيره ويلزمها عقلا وفطرة تقوى الله تعالى بترك ما نهى عنه، وفعل ما أمر به بقدر الاستطاعة، فإنه كما قال: (هدى للمتقين) " (١).

ثم ينعى الشيخ رشيد رضا على المسلمين حظهم بسبب ما اشتملت عليه كثير من التفاسير مما أبعدها عن مقاصد القرآن أساسا فيقول: "كان من سوء حظ المسلمين أن أكثر ما كتب في التفسير يشغل قارئه عن مقاصد القرآن العالية، والهداية السامية، فمنها ما يشغله عن القرآن به لبحث الإعراب وقواعد النحو ونكت المعاني ومصطلحات البيان، ومنها ما يصرفه عنه بجدل المتظلمين، و تخريجات الأصوليين واشتباكات الفقهاء المقلدين وتأويلات المتصوفين وتعصب الفرق والمذاهب بعضها على بعض وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات، وما مزجت به من خرافات الإسرائيليات .. نعم إن أكثر ما ذكر من وسائل فهم القرآن، من فنون العربية لا بدّ منها واصطلاحات الأصول وقواعده الخاصة بالقرآن ضرورية أيضا كقواعد النحو والمعاني، وكذلك معرفة الكون وسنن الله تعالى فيه كل ذلك يعين على فهم القرآن" (٢).


(١) مجلة المنار (٣١/ ٦٧٣)، تفسير المنار (١/ ٨).
(٢) مجلة المنار (٣٢/ ١٠٢)، تفسير المنار (١/ ٨).

<<  <   >  >>