للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عثيمين: "جواز الرهن؛ لقوله تعالى: {فرهان}؛ ولكن ذلك مشروط - حسبما في الآية - بالسفر سواء كان قصيراً، أو طويلًا؛ وبألا نجد كاتباً؛ فهل هذا الشرط معتبر؟ الجواب: دلت السنة على عدم اعتباره: فقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين صاعاً من الشعير لأهله، ورهن درعه عند يهودي حتى مات؛ وهذا يدل على جواز الرهن في الحضر حتى مع وجود الكاتب" (١).

[[الإيمان بجميع الرسل من خصائص الأمة المحمدية]]

قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥)} [سورة البقرة: ٢٨٥]

٦٠. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وفي هذا مزية للمؤمنين من هذه الأمة على غيرهم من أهل الكتاب الذين يفرقون بين الله ورسله، ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض، كأنهم لم يعقلوا معنى الرسالة في نفسها إذ لو عقلوها لما فرقوا بين من أوتوها" (٢).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب الإيمان بالرسل، في مسألة الإيمان بجميع الرسل من خصائص الأمة المحمدية، بدلالة النص.

وجه الاستنباط: الإيمان بجميع الرسل وعدم التفريق بينهم، من خصائص الأمة المحمدية الذي تميزت به عن بقية الأمم، وهو يعيب على الرهبان والأحبار إهمالهم لإعمال العقل في أن مصدر الأنبياء والرسل واحد، وذلك من خلال النظر في تشريعاتهم فكلها تشريعات ترتفع بالناس من الاستعباد للعباد إلى عبادة رب الأرباب.

قال القرطبي: "نؤمن بجميع الرسل ولا نكفر بأحد منه ولا نفرق بينهم كما فرقت اليهود والنصارى" (٣).

وقال أهل التفسير: إن هذه الآية جمعت أصول الإيمان التي أمر الله بها هذه الأمة، وقد اتفقت عليها الكتب والرسل (٤).


(١) تفسير القرآن للعثيمين (٥/ ٣٣٦).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ١٢٠).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٤٢٥).
(٤) تفسير الطبري (٢/ ٥٩٦)، مفاتيح الغيب (٧/ ١١١)، تفسير السعدي (١/ ٩٧).

<<  <   >  >>