للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الاستنباطات اللغوية والبلاغية]

المقصود: أن يذكر المستنبط دلالة خفية لحكم لغوي مجمع عليه أو مختلف فيه، إما مستدلاً لقول أو مرجحاً له، أو معترضاً عليه (١).

وطريق الاستنباط هنا، هي: استعمال القرآن، فمتى ما صح الاستعمال في القرآن فهو دليل على صحته لغةً، فالقرآن يستدل به في اللغة ولا يستدل عليه (٢).

والشيخ محمد رشيد رحمه الله ممن عني عناية فائقة باللغة ويعد من أهلها، وقد جاءت استنباطاته في هذا الجانب كثيرة، ومتنوعة فكانت على النحو التالي:

• استنباطات خاصة بباب العطف في اللغة، وقد بين الشيخ أثر العطف على المعنى واستنبط منه جملة من المعاني، ومن ذلك:

ـ مسألة ترك العطف بسبب التباين: عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [سورة البقرة: ٦]، قال: "هذا بيان لحال القسم الثاني من أقسام الناس تجاه هداية القرآن، وقد قطعه وفصله مما قبله، فلم يعطفه عليه للإشارة إلى ما بينهما من طول شقة الانفصال وعدم المشاركة في شيء ما، بخلاف القسم الثالث الآتي، فإن لهم حظا منه في الدنيا ولمن يتوب منهم حظ في الآخرة أيضا " (٣).

ـ مسألة أثر العطف على المعنى: عند قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [سورة آل عمران: ٥٩]، قال: "والعطف بـ (ثم) لبيان التكوين الآخر يفيد تراخيه وتأخره عن الخلق الأول" (٤) (٥).


(١) منهج الاستنباط من القرآن الكريم، فهد الوهبي ١٦٦.
(٢) المرجع السابق.
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١١٧).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ٢٦٣).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>