للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو حيان: "جاء بلفظ: المولود له، لما في ذلك من إعلام الأب ما منح الله له وأعطاه، إذ اللام في: له، معناها شبه التمليك كقوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} وهو أحد المعاني التي ذكرناها في اللام في أول الفاتحة، ولذلك يتصرف الوالد في ولده بما يختار، وتجد الولد في الغالب مطيعاً لأبيه، ممتثلاً ما أمر به، منفذاً ما أوصى به، فالأولاد في الحقيقة هم للآباء، وينتسبون إليهم لا إلى أمهاتهم" (١).

قال ابن عاشور: "وعبر عن الوالد بالمولود له، إيماء إلى أنه الحقيق بهذا الحكم؛ لأن منافع الولد منجرة إليه، وهو لاحق به ومعتز به في القبيلة حسب مصطلح الأمم، فهو الأجدر بإعاشته، وتقويم وسائلها" (٢).

[[تجديد نشاط وفهم القارئ والسامع للقرآن في الصلاة وغيرها]]

قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} [سورة البقرة: ٢٣٨]

٤٨. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وقد خطر لي وجه آخر هو الذي يطرد في أسلوب القرآن الخاص في مزج مقاصد القرآن بعضها ببعض، من عقائد، وحكم، ومواعظ، وأحكام تعبدية، ومدنية، وغيرها، وهو نفي السآمة عن القارئ، والسامع من طول النوع الواحد منها، وتجديد نشاطهما وفهمهما، واعتبارهما في الصلاة وغيرها" (٣).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا في أصوليا، في باب مقاصد القرآن والمزج بينها، في مسألة تجديد نشاط وفهم القارئ والسامع للقرآن في الصلاة وغيرها، بدلالة المفهوم.

وجه الاستنباط: الفصل بهذه الآية التي تأمر بالمحافظة على الصلاة وكذا صلاة الخوف، وبين آيات الطلاق، أنها جاءت على أسلوب القرآن الكريم المطرد، في الفصل بين الموضوعات، لتجديد النشاط والانتباه للأحكام، فالقرآن كتاب موعظة وتذكرة، وليس كتاب تدريس.

قال ابن عاشور: "الانتقال من غرض إلى غرض، في آي القرآن، لا تلزم له قوة ارتباط، لأن القرآن ليس كتاب تدريس يرتب بالتبويب وتفريع المسائل بعضها على بعض ولكنه كتاب تذكير، وموعظة فهو مجموع ما نزل من الوحي في هدي الأمة، وتشريعها وموعظتها، وتعليمها، فقد يجمع فيه الشيء للشيء، من غير لزوم ارتباط، وتفرع مناسبة، وربما كفى في ذلك نزول الغرض الثاني، عقب الغرض الأول، أو تكون الآية مأمورا بإلحاقها بموضع معين" (٤).


(١) تفسير البحر المحيط (٢/ ١٥٥).
(٢) التحرير والتنوير (٢/ ٤٣١).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ٣٥٣).
(٤) التحرير والتنوير (٢/ ٤٤٣).

<<  <   >  >>