للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

أنزل الله كتابة الكريم بأعظم لغة، وهي اللغة العربية تلك اللغة الثرية بألفاظها، ومعانيها ومدلولاتها، وقد اعتنى اللغويون والنحويون والأصوليون بهذه اللغة ومباحثها وتقسيماتها ودلالاتها كل فيما يهمه منها.

ومن أبرز علوم اللغة، علم الدلالات الذي يعنى باللفظ ومدلوله، وقد كانت بحوث اللغويين في علم الدلالات أسبق من غيرهم، ثم تلتها بحوث النحويين، ثم بحوث الأصوليين الذين اهتموا بدراسة المعنى ووضع قواعد وأصول لاستنباطه، فلم يكن ثمة فصل في هذا المجال بين البحث في طرق استنباط النص وبين البحث اللغوي، بل إن مباحث الدلالة عند اللغويين تأثرت بمباحث الأصوليين ومناهجهم في تقعيد فهم النص وتواتر استعمال مصطلح الدلالة في التعبير عن المعنى المستنبط من النصوص والألفاظ، فكان هذا هو الفرق بين اللغويين والأصوليين في تناول مفهوم اللفظ، فكان تركيز الأصوليين مرتبطاً بالدلالة دائماً، فكانت مهمة الأصوليين هي استنباط الأحكام من القول، أو من معناه، أو من علة الحكم (١).

[معنى الدلالات]

الدلالات لغة: جمع دلالة، مصدر دلّ يدلُّ دلالة، وهي التسديد إلى الشيء والإبانة والإرشاد (٢). وقيل: "الدال واللام أصلان: أحدهما إبانة الشيء بأمارة تعلمها، والآخر اضطراب في الشيء، فالأول قولهم: دللت فلانا على الطريق، والدليل: الأمارة في الشيء، وهو بين الدَّلالة والدِّلالة" (٣).

الدلالات اصطلاحا (٤):

جاءت تعريفات الأصوليين لـ (الدلالات) مختلفة في ألفاظها متفقة في معانيها، ومنها: وضع الشيء بحيث يفهم منه شيء آخر.

وقيل هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، والشيء الأول: هو الدال والثاني: المدلول.


(١) انظر: مدخل إلى علم الدّلالات، د. فتحية عبد الصمد عبيد، مجلة الحكمة العدد ٤٩ - ١٤٣٥ هـ، (٢١٢ - ٢٢٢).
(٢) لسان العرب (١١/ ٢٤٩) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ١٩٩)
(٣) مقاييس اللغة (٢/ ٢٥٩).
(٤) انظر: مدخل إلى علم الدلالات ٢١٠، منهج الاستنباط من القرآن ٢٨٨.

<<  <   >  >>