للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن سعدي: " {وإن كان} المقتول {من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق" (١).

[[تأثير تعريف الإجماع على الاستدلالات فيه]]

قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [سورة النساء: ١١٥]

٢٠. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "ومن مباحث الأصول في هذه الآية استدلال بعضهم بها على حجية الإجماع؛ لأن مخالفه متبع غير سبيل المؤمنين، وعبر بعضهم في بيان حجيته بأنه هو سبيل المؤمنين وقد علمت أن الإجماع الذي يعنونه هو اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد وفاة نبيها في أي عصر على أي أمر، والآية إنما نزلت في سبيل المؤمنين في عصره لا بعد عصره، وأتذكر أنني بينت عدم اتجاه الاستدلال بالآية على حجية الإجماع في المنار، وكذلك رده الأستاذ الإمام والإمام الشوكاني في إرشاد الفحول، والآية التي تدل على الإجماع الصحيح هي قوله - تعالى - في هذه السورة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [سورة النساء: ٥٩] " (٢).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا أصوليا، في باب الإجماع، في مسألة تأثير تعريف الإجماع على الاستدلالات فيه، بدلالة منطوق الآية.

وجه الاستنباط: بين الشيخ عدم حجية هذه الآية على الإجماع، وأن الآية إنما نزلت في سبيل المؤمنين في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بعد عصره.

ورأي الشيخ في الإجماع أنه: "إجماع أولي الأمر، وهم أهل الحل والعقد الذين تثق بهم الأمة من العلماء والرؤساء في الجيش والمصالح العامة كالتجارة والصناعة والزراعة، وكذا رؤساء العمال والأحزاب، ومديرو الجرائد المحترمة، ورؤساء تحريرها، وطاعتهم حينئذ هي طاعة أولي الأمر" (٣).

بينما الإجماع الذي ذكره جمهور الأصوليين هو: "اتفاق المجتهدين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته، في عصر من العصور على أمر من الأمور" (٤).


(١) تيسير الكريم الرحمن (ص: ١٩٣).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٥/ ٣٤٠).
(٣) منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة (ص: ١٦٣).
(٤) كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٣/ ٢٢٧)، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (١/ ١٩٤)، وانظر: أصول الفقه الميسر (١/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>