للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو زهرة: " (وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) استدراك مما كان ينبغي لهم، أي أنهم لم يفعلوا ما ينبغي؛ لأن الله تعالى لعنهم بأن طردهم من رحمته، فبعدوا عن الهداية بسبب إصرارهم على الكفر" (١).

[[علم حفظ الصحة من أداء الأمانة]]

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} [سورة النساء: ٥٨]

٧. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "ومن ذلك الذي أجمله توقي الإنسان لأسباب الأمراض والأوبئة بحسب معرفته، وما يستفيده من الأطباء، وذلك يدل على أن رعاية هذا النوع من الأمانة يتوقف على تعلم ما يحتاج إليه من علم حفظ الصحة ولا سيما في أيام الأمراض الوبائية المنتشرة" (٢).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا علميا، في باب العلم، في مسألة علم حفظ الصحة من أداء الأمانة، بدلالة التضمن.

وجه الاستنباط: الإنسان بكل جوارحه أمانة، ومن ثم يجب عليه الحفاظ عليها برعايتها وتعليمها ما ينفعها وتحصينها من أمراض البدن أو أمراض الروح لأنها من جملة الأمانة المؤتمن عليها، والمسؤول عنها يوم القيامة.

ولم يُسبق الشيخ إلى هذا المعنى، بل كانت عبارات المفسرين على عموم لفظ الأمانات، كما قال الرازي: "القسم الثالث: وهو أمانة الإنسان مع نفسه فهو ألا يختار لنفسه إلا ما هو الأنفع والأصلح له في الدين والدنيا، وألا يقدم بسبب الشهوة والغضب على ما يضره في الآخرة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فقوله: يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها يدخل فيه الكل" (٣).

قال النسفي: "وقيل قد دخل في هذا الأمر أداء الفرائض التي هي أمانة الله تعالى التي حملها الإنسان وحفظ الحواس التي هي ودائع الله تعالى" (٤).


(١) زهرة التفاسير (٤/ ١٧٠٣).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٥/ ١٤٣).
(٣) مفاتيح الغيب (١٠/ ١٠٩).
(٤) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>