للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ ورد أيضا على القدرية (١): كما يظهر ذلك عند قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [سورة الأنفال: ٢٤] قال: "ليس معناه أنه تعالى خلق فيه الضلال استقلالا - كما يدعي بعض المتكلمين - بل هو داخل في سنته تعالى في الأسباب والمسببات ويؤيده إثبات كون ضلاله على علم، وهو أنه متعمد لاتباع الهوى، مؤثر له على الهدى" (٢).

• الشرك، والكفر، والنفاق:

ـ مسألة أنواع الكفر: عند قوله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة: ٢٥٤]، قال: "إن هذا الكفر والظلم مما يتهاون فيه المسلمون في هذه الأزمنة وفي أزمنة قبلها، وعلم من الدين بالضرورة إجماعا، وهذه الآية نفسها تبطل ظنهم وفي معناها آيات كثيرة" (٣).

ـ مسألة سبب كفر اليهود والنصارى: قفال عند قوله تعالى: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [سورة المائدة: ٦٨]، قال: "أما إسناد إنزاله إلى الرسول، فليس لإفادة أنه أوحي إليه فقط، بل يشعر مع ذلك بأن إنزاله إليه سبب لطغيانهم وكفرهم" (٤).

ـ خطورة الظلم: عند قوله تعالى: {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سورة هود: ٤٤]، قال: "والتعبير عن هذه النهاية بالدعاء على الظالمين بالبعد والطرد الذي يحتمل عدة معان مذمومة شرها الطرد من رحمة الله" (٥).


(١) القدرية فرقتان: الأولى: تنكر ما ذكرنا من سبق العلم بالأشياء قبل وجودها، وتزعم أن الله لم يقدر الأمور أزلا، ولم يتقدم علمه بها، وإنما يأتنفها علما حال وقوعها، وكانوا يقولون: إن الله أمر العباد ونهاهم، وهو لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه، ولا من يدخل الجنة ممن يدخل النار حتى فعلوا ذلك، فعلمه بعد ما فعلوه؛ ولهذا قالوا: الأمر أنف، أي مستأنف، قال العلماء: والمنكرون لهذا انقرضوا، وهم الذين كفرهم عليه الأئمة مالك، والشافعي، وأحمد، الثانية: المقرون بالعلم، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: القدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها، وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال، وهو مع كونه مذهبا باطلا أخف من المذهب الأول، قال: والمتأخرون منهم أنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد فرارا من تعلق القديم بالمحدث، أنظر: لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٠٠ - ٣٠١).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ٥٢٨).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ١٧).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٣٩٤).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٢/ ٦٨).

<<  <   >  >>