للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتأمل في تفسير الشيخ، يجد أن الشيخ كان يتمتع بفهم ونقد ومراجعة لمن ينقدهم ومن ذلك مثلا انتقاده للإمام الألوسي في مسألة إيمان والد إبراهيم -عليه السلام- فقال بعد أن حرر القول في هذه المسألة: "هذا وإنني بعد كتابة ما تقدم وجمعه للطبع عثرت بالمصادفة على ما كتبه الألوسي في مسألة استغفار إبراهيم لأبيه من تفسير سورة الممتحنة، فإذا هو مبني على رجوعه عن هفوته التي نقلناها عنه وانتقدناها عليه، وحملنا ذلك على مراجعة ما كتبه في المسألة من تفسير سورة التوبة" (١).

ـ ذكره لاستنباطات بعض الفقهاء ولم يحدد من هم، ومن ذلك قوله: "استنبط بعض الفقهاء في هذا المقام مسألة جعلوها محل النظر والاجتهاد، وهي: هل العبرة في حل طعام أهل الكتاب والتزوج منهم بمن كانوا يدينون بالكتاب كالتوراة والإنجيل كيفما كان كتابهم وكانت أحوالهم وأنسابهم، أم العبرة باتباع الكتاب قبل التحريف والتبديل، وبأهله الأصليين; كالإسرائيليين من اليهود؟ " (٢).

وقوله: "وقد استنبط بعضهم من الآية تحريم القول في الدين بمجرد التقليد وعصبية المذاهب، لأن ذلك من اتباع الأهواء بغير علم، إذ المقلد غير عالم بما قلد فيه وذلك بديهي في العقل، ومتفق عليه في النقل، قال الرازي: دلت هذه الآية على أن القول في الدين بمجرد التقليد قول بمحض الهوى والشهوة والآية دلت على أن ذلك حرام" (٣).

وقد يذكر استنباطا ولا يذكر من قال به: "وقد استنبط من الآية أنه لا ينبغي الاستئذان في أداء شيء من الواجبات، ولا في الفضائل والفواضل من العادات، كقرى الضيوف، وإغاثة الملهوف، وسائر عمل المعروف، ويعجبني قول بعض العلماء ما معناه: من قال لك: أتأكل؟ هل آتيك بكذا من الفاكهة أو الحلوى مثلا؟ فقل له: لا، فإنه لو أراد أن يكرمك لما استأذنك" (٤).

[تأثيره فيمن بعده]

كان ممن عاصر الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- عدد من أهل العلم منهم الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (٥) -رحمه الله-، وكان بينهما مكاتبات ومتابعات فمن المكاتبات بينهما ما جاء في مجلة المنار بعنوان"من عنيزة إلى قاهرة مصر، في رجب سنة ١٣٤٦ هـ


(١) المصدر السابق (٧/ ٤٦١).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ١٤٨).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٨/ ١٨).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٠/ ٤٠٥).
(٥) الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي الناصري التميمي الحنبلي، ولد في مدينة عنيزة بالقصيم سنة ١٣٠٧ هـ، حفظ القرآن، وقرأ الحديث والتوحيد والتفسير والفقة وأصوله والنحو على يد عدد من علماء عصره، وتأثر بابن تيمية وابن القيم، وتتلمذ علي يده عدد طلبة العلم من أشهرهم الشيخ ابن عثيمين، وله مصنفات كثيرة نافعة من أهمها كتابه في التفسير"تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن"، توفي عام ١٣٧٦ هـ. مشاهير علماء نجد وغيرهم (ص: ٢٥٦ - ٢٦٠).

<<  <   >  >>