للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الألوسي: " (وَأَنْصَحُ لَكُمْ) أي أتحرى ما فيه صلاحكم بناء على أن النصح تحري ذلك قولا أو فعلا" (١).

[[إذا كان الداعي من قومه كان ألين جانبا وكان أدعى لقبولهم دعوته]]

قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٦٥)} [سورة الأعراف: ٦٥]

١٠. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "والآية دليل على جواز تسمية القريب أو الوطني الكافر أخا وحكمته كون رسول القوم منهم، أن يفهمهم ويفهم منهم" (٢).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب الإيمان بالرسل، في مسألة إذا كان الداعي من قومه كان ألين جانبا وكان أدعى لقبولهم دعوته، بدلالة الاقتضاء.

وجه الاستنباط: الأخوة المقصودة هنا هي أخوة النسب، وذلك أن هودا عليه السلام كان أخا لهم وقريبا لهم في النسب، وقد انتشر في القرآن استعمال ألفاظ التقريب مثل "أخ" "يا قوم" "يا أبت" وغيرها من ألفاظ، وهدف القرآن منها تقريب الداعي من المدعو وتحسين الألفاظ له، وفيه نصيحة للداعي ألا يكون جلفا غليظ القلب حتى لا ينفضّ الناس من حوله، وذكر الشيخ محمد رشيد رضا أن الأخوة في هذه الآيات أخوة النسب ثم قال: "كما يقال في أخوة الجنس كله"، وقال: "وللدين أخوة روحية كأخوة الجنس القومية والوطنية" (٣)

ويفهم من كلام الشيخ محمد رشيد أن كون الرسول من نفس القوم أدعى إلى قبول دعوته وأنجح وأفضل لأنه يفهمهم ويفهمون منه فيسهل عليه دعوتهم.

وأشار البغوي إلى أن الأخوة في النسب لا في الدين فقال: "قوله تعالى: {وإلى عاد}، أي: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا، في النسب لا في الدين" (٤)، ومثله الشوكاني، وابن سعدي (٥).

وقال الزمخشري: " أخاهم واحدا منهم من قولك: يا أخا العرب، للواحد منهم. وإنما جعل واحدا منهم، لأنهم أفهم عن رجل منهم وأعرف بحاله في صدقه وأمانته" (٦)، ومثله البيضاوي (٧). وزاد القرطبي: "كان من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا" (٨).


(١) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (٤/ ٣٩١).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٨/ ٤٤١).
(٣) انظر: بحث الأخوة الإنسانية بين الجواز والمنع عند الإطلاق، يونس عبد الرب الطلول، تاريخ ٢٤ جماد الأول ١٤٢٧ هـ، http:// www.ye ١.org/ forum/ threads/ ٢٠٧٠٨٠/
(٤) معالم التنزيل في تفسير القرآن (٢/ ٤٥٢).
(٥) فتح القدير للشوكاني (٢/ ٢٤٩)، تيسير الكريم الرحمن (ص: ٢٩٣).
(٦) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٢/ ١١٦).
(٧) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٣/ ١٨).
(٨) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>