للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البيضاوي: "حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويطلع على حقيقة الأمر، ثم أبلغه مأمنه موضع أمنه إن لم يسلم، بأنهم قوم لا يعلمون ما الإيمان وما حقيقة ما تدعوهم إليه فلا بد من أمانهم ريثما يسمعون ويتدبرون" (١)، ومثله النسفي وأبو حيان والقرطبي، وأبو السعود (٢).

[[أخوة الدين أصل عظيم يقوم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة]]

قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١)} [سورة التوبة: ١١]

٢. قال الشيخ -رحمه الله-: "وهو نص في أن أخوة الدين تثبت بهذين الركنين، ولا تثبت بغيرهما من دونهما، والثاني مقيد بشرطه وهو ملك النصاب مدة الحول، والكلام في جملة المشركين، وفيهم الغني والفقير، وهل يتعارف الإخوان في الدين إلا بإقامة الصلوات في المساجد وسائر المعاهد، وبأداء الصدقات للمواساة بينهم" (٣).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب الولاء والبراء، في مسألة أخوة الدين أصل عظيم يقوم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، بدلالة النص.

وجه الاستنباط: أخوة الدين لا تقوم إلا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهي بهذا حققت أصل وأساس الأخوة في الدين، ولو جمعت غيرهما بدونهما لم تتحقق أخوة الدين، فالصلاة تجمع الإخوان وتربطهم بحق الله عليهم، والزكاة تربط المؤمنين بحق إخوانهم الفقراء، فإذا اجتمعا تحققت الأخوة في الدين.

وأشار إلى هذا المعنى ابن عطية فقال: "قرن تعالى بإيمانهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، قال ابن عباس: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة، وقال ابن زيد: قرن الله الصلاة بالزكاة ولم يرض بإحداهما دون الأخرى.

قال القاضي أبو محمد: وعلى هذا مر أبو بكر رضي الله عنه وقت الردة، و «الأخوة في الدين» هي أخوة الإسلام" (٤).

وقال الرازي: "المواخاة بالإسلام بين المسلمين موقوفة على فعل الصلاة والزكاة جميعا، فإن الله تعالى شرطها في إثبات المواخاة، ومن لم يكن أهلا لوجوب الزكاة عليه، وجب عليه أن يقر بحكمها، فإذا أقر بهذا الحكم دخل في الشرط الذي به تجب الأخوة، وكان ابن مسعود يقول رحم الله أبا بكر ما أفقهه في الدين، أراد به ما ذكره أبو بكر في حق مانعي الزكاة" (٥).


(١) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٣/ ٧٢).
(٢) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٦٦٥)، البحر المحيط في التفسير (٥/ ٣٧٤)، الجامع لأحكام القرآن (٨/ ٧٥)، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٤/ ٤٤).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٠/ ١٦٩).
(٤) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٣/ ١١).
(٥) مفاتيح الغيب (١٥/ ٥٣٤).

<<  <   >  >>