للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الاستنباط بدلالة المفهوم (مفهوم المخالفة)]

مفهوم المخالفة: "أن يكون المسكوت عنه مخالفاً لحكم المنطوق به، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: (في الغنم السائمة الزكاة)، فالمنطوق السائمة، والمسكوت عنه: المعلوفة، والتقييد بالسوم يفهم منه عدم الزكاة في المعلومة، ويسمى دليل الخطاب، وتنبيه الخطاب" (١).

والمتأمل في استنباطات الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- يجد أنه اعتمد على هاتين الدلالتين في استنباطاته.

ومن أمثلة مفهوم الموافقة:

ـ قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [سورة آل عمران: ٥٩]، "وخطر لي الآن أنه يجوز أن تكون كلمة التكوين مجموع كن فيكون، والمعنى: ثم قال له كلمة التكوين التي هي عبارة عن توجه الإرادة إلى الشيء ووجوده بها حالا، ويظهر هذا في مثل قوله - تعالى -: {وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق} [٦: ٧٣]، ولو كان القول للتكليف لم يظهر هذا؛ لأن قول التكليف من صفة الكلام، وقول التكوين من صفة المشيئة، ولعل من تأمله حق التأمل لا يجد عنه منصرفا، والعطف بـ (ثم) لبيان التكوين الآخر يفيد تراخيه وتأخره عن الخلق الأول" (٢).


(١) مذكرة في أصول الفقه (ص: ٢٨٥).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ٢٦٣).

<<  <   >  >>