للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الزمخشري: "لهم مغفرة وأجر عظيم بيان للوعد بعد تمام الكلام قبله، كأنه قال: قدم لهم وعدا فقيل: أى شيء وعده لهم؟ فقيل: لهم مغفرة وأجر عظيم، أو يكون على إرادة القول بمعنى وعدهم وقال لهم مغفرة، أو على إجراء وعد مجرى قال: لأنه ضرب من القول. أو يجعل وعد واقعا على الجملة التي هي لهم مغفرة" (١)، ونقل هذا أبو حيان (٢).

وقال الرازي: "وقوله لهم مغفرة وأجر عظيم فيه وجوه: الأول: أنه قال أولا وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات فكأنه قيل: وأي شيء وعدهم؟ فقال لهم مغفرة وأجر عظيم الثاني: التقدير كأنه قال: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقال لهم مغفرة وأجر عظيم، والثالث: أجرى قوله وعد مجرى قال، والتقدير: قال الله في الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم، والرابع: أن يكون وعد واقعا على جملة لهم مغفرة وأجر عظيم أي وعدهم بهذا المجموع" (٣).

قال ابن عاشور: "وجملة لهم مغفرة مبينة لجملة وعد الله الذين آمنوا، فاستغني بالبيان عن المفعول، فصار التقدير: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرا عظيما لهم، وإنما عدل عن هذا النظم لما في إثبات المغفرة لهم بطريق الجملة الاسمية من الدلالة على الثبات والتقرر" (٤).

[[تجديد الدين بإنشاء وتعاقب الأجيال في الأمم]]

قال تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٦)} [سورة المائدة: ٢٦]

٨. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "فهذا بيان حكمة عصيانهم لموسى بعد ما جاءهم بالبينات، وحكمة حرمان الله تعالى لذلك الجيل منهم من الأرض المقدسة، فعلينا أن نعتبر بهذه الأمثال التي بينها الله تعالى لنا، ونعلم أن إصلاح الأمم بعد فسادها بالظلم والاستبداد، إنما يكون بإنشاء جيل جديد يجمع بين حرية البداوة واستقلالها وعزتها، وبين معرفة الشريعة والفضائل والعمل بها" (٥).


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٦١٣).
(٢) البحر المحيط (٤/ ١٩٧).
(٣) مفاتيح الغيب (١١/ ٣٢١).
(٤) التحرير والتنوير (٦/ ١٣٦).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٢٧٩)

<<  <   >  >>