للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب الدعوة، في مسألة الكفر مكانات متفاوتة لتعدد الباطل، والحق صورة واحدة، لوحدة الحق، بدلالة اللغة.

وجه الاستنباط: من خلال قراءة كلمة (مكاناتكم) في علم القراءات، وأصل هذه الكلمة لا يجمع، لكن لنكتة جمعت، وهي أن الكفر مكانات متفاوتة لتعدد الباطل، والحق صورة واحدة، لوحدة الحق، وفي الحديث ((خط لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطا مربعا ثم خط وسطه خطا ثم خط حوله خطوطا وخط خطا خارجا من الخط فقال هذا الإنسان للخط الأوسط وهذا الأجل محيط به وهذه الأعراض للخطوط فإذا أخطأه واحد نهشه الآخر وهذا الأمل للخط الخارج)) (١).

قال صاحب حجة القراءة: "قرأ أبو بكر (اعملوا على مكاناتكم) على الجمع في كل القرآن، وقرأ الباقون {على مكانتكم} أي على تمكنكم وأمركم وحالكم والتوحيد هو الاختيار لأن الواحد ينوب عن الجمع ولا ينوب الجمع عن الواحد قوله {مكانتكم} وزنه مفعلة من الكون والميم زائدة والألف منقلبة عن الواو من كان يكون مفعلة وقال قوم وزنه فعال مثل ذهاب والألف زائدة والميم أصلية والدليل على ذلك أن فعالا تجمعه على أفعلة تقول أمكنة ولو كان مفعلا لم يجمع على أفعلة" (٢).

وقال ابن جرير: "وقرأ ذلك بعض الكوفيين: "عَلَى مَكَانَاتِكُمْ"، على جمع"المكانة قال أبو جعفر: والذي عليه قراء الأمصار: (عَلَى مَكَانَتِكُمْ)، على التوحيد" (٣).

وقال ابن عطية: "وعَلى مَكانَتِكُمْ معناه على حالكم وطريقتكم، وقرأ أبو بكر عن عاصم «على مكاناتكم» بجمع المكانة في كل القرآن، وقرأ الجميع بالإفراد في كل القرآن" (٤).

وقال الرازي: "قرأ أبو بكر عن عاصم: مكاناتكم بالألف على الجمع في كل القرآن والباقون مكانتكم قال الواحدي: والوجه الإفراد لأنه مصدر والمصادر في أكثر الأمر مفردة وقد تجمع أيضا في بعض الأحوال إلا أن الغالب هو الأول" (٥).

وقال القرطبي: "وقرأ أبو بكر بالجمع "مكاناتكم"، والمكانة الطريقة، والمعنى اثبتوا على ما أنتم عليه فأنا أثبت على ما أنا عليه" (٦)، ومثله البيضاوي (٧).


(١) رواه الدارمي: من كتاب الرقاق باب في الأمل والأجل ح (٢٧٢٩).
(٢) حجة القراءات (ص: ٢٧٢).
(٣) جامع البيان في تأويل آي القرآن، ت شاكر (١٢/ ١٢٩).
(٤) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٣٤٨).
(٥) مفاتيح الغيب (١٣/ ١٥٦).
(٦) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٨٩).
(٧) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٢/ ١٨٣).

<<  <   >  >>