للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[التاريخ سجل الأمم وبه تعرف أسباب السعادة والشقاوة]]

قال تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}

[سورة الفاتحة: ٧]

٢. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "إذا امتثلنا الأمر والإرشاد، ونظرنا في أحوال الأمم السالفة، وأسباب علمهم وجهلهم، وقوتهم وضعفهم، وعزهم وذلهم، وغير ذلك مما يعرض للأمم كان لهذا النظر أثر في نفوسنا يحملنا على حسن الأسوة والاقتداء بأخبار تلك الأمم فيما كان سبب السعادة والتمكن في الأرض، واجتناب ما كان سبب الشقاوة أو الهلاك والدمار، ومن هنا ينجلي للعاقل شأن علم التاريخ وما فيه من الفوائد والثمرات" (١).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا علميا، في باب علم التاريخ، في مسألة التاريخ سجل الأمم وبه تعرف أسباب السعادة والشقاء، بدلالة الإشارة.

وجه الاستنباط: هذه الآية نبهت إلى أهمية علم التاريخ ومكانته، لأنه سجل معرفة أحوال المغضوب عليهم والضالين، ومعرفة أسباب السعادة والشقاوة، واستبانة سبيل الصالحين وسبيل الغاوين، وهذا استنباط دقيق حول مكانة وأهمية علم التاريخ والسير.

وهذا المعنى لم يشر إليه أحد من المفسرين، فيما اطلعت عليه عند تفسير هذه الآية، إلا أن هناك من وافق الشيخ في عنايته واهتمامه بعلم التاريخ من بعض المفسرين.

منهم الشيخ ابن سعدي -رحمه الله- حيث قال: "أنه طريق لرد كثير من الأقوال الباطلة والدعاوى التي تخالف ما علم من التاريخ" (٢).

وابن عاشور (٣) ­ -رحمه الله- حيث قال: "أهمية علم التاريخ لأن فيه فائدة السير في الأرض، وهي معرفة أخبار الأوائل، وأسباب صلاح الأمم وفسادها" (٤).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٥٦).
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ١٣٤).
(٣) محمد الطاهر ابن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس، وشيخ جامع الزيتونة، ولد عام ١٢٩٦ هـ، وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة، له مصنفات مطبوعة، من أشهرها (مقاصد الشريعة الإسلامية) و (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام) و (التحرير والتنوير) في تفسير القرآن، توفي عام ١٣٩٣ هـ بتونس، الأعلام للزركلي (٦/ ١٧٤).
(٤) التحرير والتنوير (٣/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>