كتاب استنباطات محمد رشيد رضا في تفسيره

[اتساع اسم (الله) الأعظم لمعاني الأسماء ولوازمها] - الدراسة - ص: 135

وإلى هذا المعنى أشار ابن كثير (١) وزاد: "فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له، كما قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، وقال تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: ١١٠] " (٢)، ومثله ابن جرير، والرازي، والقرطبي (٣)، والسيوطي (٤) (٥)

قال ابن القيم: "اسم الله دال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا بالدلالات الثلاث، فإنه دال على إلهيته المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له مع نفي أضدادها عنه، وصفات الإلهية: هي صفات الكمال، المنزهة عن التشبيه والمثال، وعن العيوب والنقائص، ولهذا يضيف الله تعالى سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم العظيم، كقوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى} [الأعراف: ١٨٠]، فعلم أن اسمه الله مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، دال عليها بالإجمال، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله دال على كونه مألوها معبودا، تؤلهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا، وفزعا إليه في الحوائج والنوائب، وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته، المتضمنين لكمال الملك والحمد، وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله" (٦).

---

(١) عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، أبو الفداء، ولد سنة ٧٠١ هـ في بُصْرى الشام، الحافظ المفسر، صنف التصانيف التي من أهمها: تفسير القرآن العظيم المعروف بتفسير ابن كثير، والبداية والنهاية في التاريخ، وشرح صحيح البخاري، وغير ذلك، توفي في دمشق سنة ٧٧٤ هـ. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (١/ ٤٤٥)، ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي (ص: ٢٣٩)، طبقات المفسرين للداوودي (١/ ١١١).
(٢) تفسير القران العظيم، ابن كثير (١/ ١٢٢).
(٣) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري، الخزرجي الأندلسي، أبو عبد الله، القرطبي: من كبار المفسرين، صالح متعبد، من أهل قرطبة، رحل إلى الشرق واستقر بمنية ابن خصيب في شمالي أسيوط، بمصر، وتوفي فيها سنة ٦٧١ هـ. له: الجامع لأحكام القرآن، والأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. طبقات المفسرين للسيوطي (١/ ٩٢)، طبقات المفسرين للداوودي (٢/ ٦٩).
(٤) جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد السيوطي المعروف بابن الأسيوطي، ولد بالقاهرة سنة ٨٤٩ هـ، أخذ العلم على يد كثير من علماء الشافعية، والمالكية والحنابلة، زادت مؤلفاته على خمسمائة مؤلف منها: "الدر المنثور في التفسير بالمأثور"، و"الإتقان في علوم القرآن"، توفي سنة ٩١١ هـ. انظر: ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي (ص: ٢٢٣ - ٢٢٦).
(٥) جامع البيان (١/ ٢٠٦)، مفاتيح الغيب (١/ ١١٠)، الجامع لأحكام القرآن (١/ ١٠٢)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (١/ ٢٣).
(٦) مدارج السالكين (١/ ٥٥ - ٥٦).