للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الزمخشري: "فإن قلت: فما فائدة التقديم؟ قلت: فائدته استعظام أن يتخذ لله شريك من كان ملكا أو جنيا أو إنسيا أو غير ذلك. ولذلك قدم اسم الله على الشركاء" (١)، ومثله الرازي، والنسفي، وأبو حيان (٢).

وقال ابن عطية: "وهذه الآية مشيرة إلى العادلين بالله والقائلين إن الجن تعلم الغيب العابدين للجن، وكانت طوائف من العرب تفعل ذلك وتستجير بجن الأودية في أسفارها ونحو هذا" (٣).

قال ابن كثير: "هذا رد على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره، وأشركوا في عبادة الله أن عبدوا الجن، فجعلوهم شركاء الله في العبادة، تعالى الله عن شركهم وكفرهم" (٤).

قال ابن سعدي: "يخبر تعالى: أنه مع إحسانه لعباده وتعرفه إليهم، بآياته البينات، وحججه الواضحات -أن المشركين به، من قريش وغيرهم، جعلوا له شركاء، يدعونهم، ويعبدونهم، من الجن والملائكة، الذين هم خلق من خلق الله، ليس فيهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، فجعلوها شركاء لمن له الخلق والأمر، وهو المنعم بسائر أصناف النعم، الدافع لجميع النقم" (٥).

[[من عدل الله في عباده تزيين أفعالهم لهم التي استحسنوها وجرت عادتهم عليها]]

قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)} [سورة الأنعام: ١٠٨]

١٩. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "التزيين أثر لأعمال اختيارية لا جبر فيها ولا إكراه، وليس المراد به أن الله خلق في قلوب بعض الأمم تزيينا للكفر والشر، وفي قلوب بعضها تزيينا للإيمان والخير خلقا ابتدائيا، من غير أن يكون لهم عمل اختياري نشأ عنه ذلك" (٦).


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٢/ ٥٢).
(٢) مفاتيح الغيب (١٣/ ٩٠)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٥٢٦)، البحر المحيط في التفسير (٤/ ٦٠٢).
(٣) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٣٢٩).
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ٣٠٧).
(٥) تيسير الكريم الرحمن (ص: ٢٦٧).
(٦) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٥٥٧).

<<  <   >  >>