للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ المناسبات بين الآيات: من المباحث التي استنبط منها الشيخ بعض المعاني، عند قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [سورة البقرة: ١٤٢]، قال: "وقد ابتدأ الكلام في هذه المسألة ببيان ما يقع من اعتراض اليهود وغيرهم على التحويل وإخبار الله نبيه والمؤمنين به قبل وقوعه، وتلقينهم الحجة البالغة عليه والحكمة السديدة فيه، ويتضمن هذا بيان سر من أسرار الدين وقاعدة عظيمة من قواعد الإيمان، كان أهل الكتاب في غفلة عنها وجهل بها، فهذه الآيات متصلة بما قبلها في كونها محاجة لأهل الكتاب في أمر الدين؛ لإمالتهم عن التقليد الأعمى فيه، والجمود على ظواهره من غير تفقه فيه ولا نفوذ إلى أسراره وحكمه التي لم تشرع الأحكام إلا لأجلها" (١) (٢).

وعند قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة آل عمران: ٢٦]، قال: "وقد نظرنا فيما وقع للغابرين والحاضرين ومحّصنا أسبابه، فألفيناها ترجع إلى سنن مطردة، وبين بعض هذه السنن في نزع الملك ممن يشاء وإيتائه من يشاء، وبهذا يظهر وجه اتصال الآية بما قبلها وكونها بمثابة الدليل لقوله السابق: (قل للذين كفروا ستغلبون)، فهي تتضمن تأكيد الوعد بنصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغلب أعدائه من أهل الكتاب والمشركين" (٣).

ـ التدبر: من المعاني التي أشار إليها الشيخ محمد في استنباطاته، فعند قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [سورة النساء: ٨٢]، قال: "وفيه أن تدبر القرآن فرض على كل مكلف لا خاص بنفر يسمون المجتهدين يشترط فيهم شروط ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما الشرط الذي لا بد منه ولا غنى عنه، هو معرفة لغة القرآن مفرداتها وأساليبها" (٤).

ـ الإعجاز: من اهتمام الشيخ بمبحث الإعجاز، عقد فصلا في تحقيق وجوه الإعجاز (٥)، ومن وجوه الإعجاز مخالفته لما عهد في كلام العرب، وكذا استنبط بعض المعاني في إعجاز القرآن، فعند قوله تعالى: {الم (١)} [سورة البقرة: ١]، قال: "إن عدم إعرابها يرجح أن حكمة افتتاح بعض السور المخصوصة بها للتنبيه لما يأتي بعدها مباشرة من وصف القرآن والإشارة إلى إعجازه؛ لأن المكي منها كان يتلى على المشركين للدعوة إلى الإسلام، ومثل هذه السورة وما بعدها لدعوة أهل الكتاب إليه وإقامة الحجج عليهم به (٦).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ٤).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ١٨).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ٢٢٣).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٥/ ٢٤٠).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١٦٥ - ١٧٨).
(٦) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>