للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[تعظيم القول على الله بغير علم]]

قال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)} [سورة آل عمران: ١٧٩]

١٧. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وقد ذهب وهم بعض الناس إلى أن الآية تدل على أن من اجتباهم الله من رسله يعلمون الغيب كله، واستثنى بعضهم علم الساعة لكثرة ما ورد من الآيات التي تنفي علمها عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وزعم بعضهم أن الله - تعالى - أطلعه على علم الساعة قبل وفاته، وكل ذلك من الجرأة على الله - تعالى - والقول عليه بغير علم " (١).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب العلم، في مسألة تعظيم القول على الله بغير علم، بدلالة المفهوم.

وجه الاستنباط: أن الشيخ عد قول من زعم أن الله يخبر بخبر الساعة والغيب كله للرسل ولمن شاء، من الجرأة على الله والقول بغير علم، وأن في هذا خطر عظيم على الأمة وعلى القائل به، إذ إن القول على الله بغير علم ظلم وافتراء على الله، ولا يلجأ إليه إلا أصحاب الأهواء، فلذا يجب الحذر من خطورته.

ولم أجد من المفسرين من تطرق لهذا عند تفسير هذه الآية.

قال الشيخ عبد الرحمن الدوسري: "القول على الله بغير علم هو عديل للشرك، لأنه افتراء على الله، ولا أحد أظلم ممن أفترى على الله" (٢).

جاء في شرح العقيدة الطحاوية: "حرمة القول على الله بلا علم؛ سبق أن ذكرنا مسألة المحرمات، وقلنا: إنها رتبت على أربع مراتب، بدأ الله بأسهلها، ثم ثنى بما هو أعظم، ثم ثلث بما هو أعظم، ثم ربع بما هو أعظم، والثالث: هو الشرك، والرابع: هو القول على الله بلا علم، فيكون القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، فما هو السبب في هذا؟

الجواب: أن القول على الله بغير علم يتضمن الشرك وزيادة، وقلنا: إن المؤلف أراد بهذا أن القول على الله في صفاته وفي أفعاله في خلقه وفي شرعه يتضمن الشرك وزيادة، فهو أعظم من الشرك، أما كونه يتضمن الشرك فلأن الذي يقول على الله بخلاف صفاته يكون معطلاً ما وصف به نفسه، ومن عطله فقد ألحقه بالناقصات، فيكون ممثلاً له من هذه الناحية، وهذا شرك لكونه شبه الله جل وعلا بالمخلوقات" (٣).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٤/ ٢٠٩).
(٢) الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة (ص: ٤٣).
(٣) شرح العقيدة الواسطية، للغنيمان (٤/ ١١).

<<  <   >  >>