للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عطية: "الكفار ينفقون أموالهم فتكون عليهم حسرة ثم يغلبون مع نفقتها، وذلك ليميز الله الفرق بين الخبيث والطيب فيخذل أهل الخبيث وينصر أهل الطيب" (١)، وكذا قال البيضاوي، وأبو السعود والقاسمي (٢).

وقال القرطبي: " (ليميز الله الخبيث من الطيب) أي المؤمن من الكافر، وقيل: هو عام في كل شيء، من الأعمال والنفقات وغير ذلك" (٣).

قال ابن سعدي: "والله تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحدة على حدة، وفي دار تخصه، فيجعل الخبيث بعضه على بعض، من الأعمال والأموال والأشخاص" (٤).

وقال ابن عاشور: "ليميز متعلق ب يحشرون لبيان أن من حكمة حشرهم إلى جهنم أن يتميز الفريق الخبيث من الناس من الفريق الطيب في يوم الحشر، لأن العلة غير المؤثرة تكون متعددة، فتمييز الخبيث من الطيب من جملة الحكم لحشر الكافرين إلى جهنم" (٥).

[[(الله يحول بين العبد وقلبه) أمر حوى من المعاني والحقائق ما لا يمكن حصره وإدراك آثاره]]

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [سورة الأنفال: ٢٤]

٧. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "من سنة الله في البشر الحيلولة بين المرء وبين قلبه، فهذه الجملة أعجب جمل القرآن، ولعلها أبلغها في التعبير، وأجمعها لحقائق علم النفس البشرية، وعلم الصفات الربانية، وعلم التربية الدينية، التي تعرف دقائقها بما تثمره من الخوف والرجاء"، ثم قال: "فتذكير الله تعالى إيانا بهذا الشأن من شئون الإنسان، وهذه السنة القلبية من سنن الله تعالى في الإرادات والأعمال، وأمره إيانا بأن نعلمها علم إيقان وإذعان، يفيدنا فائدتين لا يكمل بدونهما الإيمان، وهما ألا يأمن الطائع المشمر من مكر الله فيغتر بطاعته ويعجب بنفسه، وألا ييأس العاصي والمقصر في الطاعة من روح الله، فيسترسل في اتباع هواه، حتى تحيط به خطاياه" (٦).


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٥٢٦).
(٢) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٣/ ٥٩)، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٤/ ٢١)، محاسن التأويل (٥/ ٢٩١).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٤٠١).
(٤) يسير الكريم الرحمن (ص: ٣٢١).
(٥) التحرير والتنوير (٩/ ٣٤٢).
(٦) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ٥٢٧ - ٥٢٨).

<<  <   >  >>