للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اعتنت كتب العقيدة بهذه المسألة عناية تامة وأصلتها بالنصوص وأقوال العلماء، وقد لخص الإمام ابن تيمية مذهب أهل السنة والجماعة في هذا فقال: "الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعادة إنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه، وسلطانه كتابه، فمن كان مؤمناً وجبت موالاته من أي صنف كان، ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صنف كان. قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {٥٥} وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [سورة المائدة: ٥٥ - ٥٦]، وقال: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} [سورة المائدة: ٥١]، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [سورة التوبة: ٧١]، ومن كان فيه إيمان وفيه فجور أعطي من الموالاة بحسب إيمانه، ومن البغض بحسب فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي كما يقول الخوارج والمعتزلة" (١) (٢).

[[معصية العالم أعظم جرما من معصية الجاهل وأشد فتكا بالمجتمع]]

قال تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)} [سورة المائدة: ٦٢ - ٦٣]

١٣. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "والذي أفهمه أن معاصي العوام من قبيل ما يحصل بالطبع، لأنه اندفاع مع الشهوة بلا بصيرة، ومعصية العلماء بترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف من قبيل الصناعة المتكلفة، لفائدة للصانع فيها يلتمسها ممن يصنع له، وما ترك العلماء النهي عن المنكر، وهم يعلمون ما أخذ الله عليهم من الميثاق، إلا تكلفا لإرضاء الناس، وتحاميا لتنفيرهم منهم، فهو إيثار لرضاهم على رضوان الله وثوابه، والأقرب أن يكون من الصنع، لا من الصناعة، وهو العمل الذي يقدمه المرء لغيره يرضيه به" (٣).


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (ص ١٠٨ - ٢٠١)، الطبعة الأولى سنة ١٣٤٩ هـ مطبعة المنار بمصر.
(٢) للاستزادة، انظر: الولاء والبراء في الإسلام (ص: ١٣٨)، والمفيد في مهمات التوحيد (ص: ١٩٩)، وغيرها من كتب العقيدة.
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٣٧٣).

<<  <   >  >>