للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسس التي قام عليها تفسير المنار (١):

قام تفسير المنار على مجموعة من الأسس والقواعد التي ينطلق من خلالها في توجيه وبيان معنى النص القرآني، وهذا بيانها بإيجاز:

أولاً: الوحدة الموضوعية، فالسورة مهما تعددت موضوعاتها وتشعبت القضايا التي طرقتها، فإنها ترجع بجملتها إلى موضوع محوري ترتبط به ارتباطاً وثيقاً.

ثانياً: تجلية الهداية القرآنية، لأن المقصد الأساسي للقرآن الكريم هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهدايتهم إلى طريق الحق والخير، وهذا الأساس يقتضي عدم الانشغال في المباحث الجانبية في أثناء التفسير عن الهدف الكبير الذي يسعى لتحقيقه، فكثيراً ما انشغل المفسرون بمباحث لغوية أو كلامية أو فقهية.

ثالثاً: عدم تجاوز النص فيما ورد مبهماً في القرآن، فكل ما سكت القرآن عن بيانه، مما ليس فيه عبرة للمسلمين، فلا حاجة لذكره وبيانه، وقد تكفل هذا التفسير بالتنبيه على أهمية الوقوف عند حدود النص القرآني.

رابعاً: رفض البدع والخرافات، والتحذير من الإسرائيليات والأساطير.

خامساً: احترام العقل وتقديمه، فالعقل والوحي أثران من آثار الله في الوجود (٢)، وآثار الله تهدي إليه وتدل عليه، وهذه النقطة تتصل بالنقطة السابقة، لأن من احترام العقل رفض البدع والخرافات والروايات التي يحكم العقل ببطلانها (٣).

سادساً: محاربة التقليد، ورفض الاتباع بغير دليل أو بصيرة، وهذا أيضاً من احترام العقل.

سابعاً: التأكيد على شمول القرآن وعمومه، لأنه جاء هداية للناس في جميع الأزمان والأماكن فلا بد أن يكون بهذا الشمول والعموم.

ثامناً: التأكيد على أن القرآن هو المصدر الأول للتشريع، والأصل الأول لهذا الدين، وأن حكم الله يلتمس فيه أولاً فإن وُجد فيه يؤخذ وعليه يعوّل، ولا يحتاج معه إلى مأخذٍ آخر، وإن لم يوجد فيه التمس في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٤).


(١) انظر: د. محمد الزغول، الخصائص المميزة لتفسير المنار، ص ٨ - ١٤.
(٢) وفي هذا مبالغة وتقديم للعقل، واتهام للوحي أنه أثر من آثار الله في الوجود، وهذا مخالف للمناج الصحيح فالوحي صفة منصفات الله تكلم به وأوحي به إلى رسله.
(٣) تجدر الإشارة إلى أن المبالغة في تقديم العقل وتحكيمه أدت إلى ظهور بعض الآراء المتطرفة لدى مدرسة المنار، من أبرزها الجرأة على ردّ الأحاديث والروايات الصحيحة لمجرد أنها لا تتفق مع العقل -في زعمهم- حتى صار قبول النصوص وردها أمراً خاضعاً للفهم الشخصي.
(٤) انظر: رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) ٥/ ١٢٠.

<<  <   >  >>