للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الرازي: "اتفقوا على أن هودا ما كان أخا لهم في الدين، واختلفوا في أنه هل كان أخا قرابة قريبة أم لا؟ قال الكلبي: إنه كان واحدا من تلك القبيلة، وقال آخرون: إنه كان من بني آدم ومن جنسهم لا من جنس الملائكة فكفى هذا القدر في تسمية هذه الأخوة والمعنى أنا بعثنا إلى عاد واحدا من جنسهم وهو البشر ليكون ألفهم والأنس بكلامه وأفعاله أكمل وما بعثنا إليهم شخصا من غير جنسهم مثل ملك أو جني (١). وزاد النسفي: " {أخاهم} واحدا ممنهم من قولكم يا أخا العرب للواحد منهم وإنما تجعل واحداً منهم لأنهم عن رجل منهم أفهم فكانت الججة عليهم الزم" (٢).

وكذا القاسمي: "وإنما أرسل منهم، لأنهم أفهم لقوله من قول غيره، وأعرف بحاله في صدقه وأمانته وشرف أصله، وأرغب في اقتفائه" (٣).

وقال ابن عاشور: "والأخ هنا مستعمل في مطلق القريب، على وجه المجاز المرسل ومنه قولهم يا أخا العرب، وقد كان هود من بني عاد، وقيل: كان ابن عم إرم، ويطلق الأخ مجازا أيضا على المصاحب الملازم، كقولهم: هو أخو الحرب، ومنه (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) [الإسراء: ٢٧]- وقوله- (وإخوانهم يمدونهم في الغي) [الأعراف: ٢٠٢]. فالمراد أن هودا كان من ذوي نسب قومه عاد" (٤).

[[الموقن بالله لا يحل له أن يعود في ملة الكافرين وهذا أمر بيد الله وحده]]

قال تعالى: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩)} [سورة الأعراف: ٨٩]

١١. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "والتعبير يدل على نفي الشأن، وهو أبلغ من نفي الفعل؛ لأنه نفي له بالدليل، وهو كونه غير مستطاع ولا جار على سنن الله في الاجتماع، والمعنى: ليس من شأننا أن نعود فيها في حال من الأحوال إلا حال مشيئة الله ربنا المتصرف في جميع شئوننا، فهو وحده القادر على ذلك لا يقدر عليه غيره لا أنتم ولا نحن أيضا؛ لأننا موقنون بأن ملتكم باطلة ضارة مفسدة، وملتنا هي الحق التي بها صلاح الناس وعمران الأرض، والموقن لا يستطيع إزالة يقينه ولا تغييره" (٥).


(١) مفاتيح الغيب (١٤/ ٢٩٩).
(٢) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٥٧٧).
(٣) محاسن التأويل (٥/ ١١٤).
(٤) التحرير والتنوير (٨ - ب/ ٢٠١).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ٦).

<<  <   >  >>